الحكومة العراقية والملاهي الليلية Print
الحكومة العراقية والملاهي الليلية
بلقيس حميد حسن
طرح أحد الأصدقاء سؤالا يقول:
هل أنت مع إغلاق الملاهي والنوادي الليلية؟ لأن هناك خبرا تسرب بأن الحكومة تنوي إغلاقها..
عجبت من هذه الحكومة التي تتشاطر على أمكنة اللهو وهي لعامة الناس وتستمتع هي بلهو أكبر منه تحت مسميات دينية احيانا أو في بلدان أخرى حيث يراق المال العراقي بسخاء..
لو كان إغلاق هذه الأماكن من الدين فمن باب أولى محاسبة سارقي قوت الشعب وأمواله من المسؤولين الذين اغتنوا بمليارات لايعرف مصدرها، ومن باب أولى أن تهتم الحكومة بنزاهة أعضائها أولاً لأن فاقد الشيء لايعطيه، ثم أن بائعات الهوى لم يأتين هكذا اعتباطا إنما جئن من ظروف صعبة مرت بها البلاد من حروب وتقتيل ودمار أفقدت العديد من النساء معيلاً أو سنداً أو مربياً يؤهلن للحياة السوية، ففاض الكيل بهذا المجتمع وأفرز هذه الطبقة التي لاتزيد خطورتها على خطورة خائنٍ للوطن في البرلمان أو سارقٍ مفسدٍ يسرق موازنة مدرسة أو مستشفى أو تبليط شارع وبناء حديقة عامة..
الداعرات موجودات في كل بلدان الدنيا لأن الظلم موجود بنسب مختلفة في كل مكان إن كان سياسياً أو اجتماعياً، والملاهي تعتبر أماكن سياحية في غالب بلدان العالم.
لقد احترتُ في تصنيف هذا المنع وأسبابه.
1- فإن كان القضاء على بائعات الهوى من الدين لكان النبي محمد ذبحهن حتما، ولمنعهن من العمل، وهل أنتم أكثر شرفا من نبيكم؟
فقد كان الناس زمن النبي يدعوهن بصاحبات الرايات الخضر حيث يضعنها دلالة لعملهن، ولم يقل النبي اقتلوهن واغلقوا بيوتهن المفتوحة لممارسة الجنس إنما قال فقط" إياكم وخضراء الدمن" أي لاتتزوجوا بهن ونصح بنصيحة فقط بهذا الحديث الوحيد بعدم الذهاب اليهن وهو نبي مرسل إن كنتم تؤمنون. فمن أنتم لتقطعوا أرزاقهن أو تذبحوهن كالنعاج؟ وماذا أبقيتم لربكم الأعلى يوم الحساب؟
2-كل تجمع من التجمعات البشرية مهما رفع راية الدين ورسم له صراطا مستقيما، نجد فيه الصالح والطالح، حيث الخير والشر يتصارعان على مدى الأزمان، فليس من حق البشر أن يحددوا من هو الذي يجب أن يبقى ومن الذي يجب أن يباد، طالما هو لم يهدد أمنهم وحيواتهم ولقمة عيشهم، ولا أعتقد أن الداعرات في العراق يهددن أمن المجتمع كالإرهابيين، والفاسدين، والسارقين، وحملة السلاح، والمتاجرين بالممنوعات من المخدرات والأدوية الفاسدة ووووالخ حيث قائمة طويلة عريضة من الجرائم التي لم يتوقف عندها لابرلمان ولا مسؤول.
3-ان أي مجتمع مدني فيه وسائل وأماكن ترفيه حيث الشباب بحاجة لتفريغ الطاقات بوسائل ترفيه بريئة غير موجودة في العراق كالنوادي الثقافية والشبابية التي تعلم الموسيقى والفنون وتعلم البنات الفنون الراقية، كما أن العراق يخلو من مراقص عامة ومن مسارح في الهواء الطلق كما كان سابقا ويخلو من الحدائق العامة المجهزة لراحة الناس تجهيزا حرا يجدون فيه مايلبي حاجاتهم في الترفيه البريء ويشبع أذواقهم مانعاً إياهم من الذهاب للملاهي الليلة.
ليس دفاعا عن الداعرات بقدر ماهو دفاع عن المجتمع، وعن الحق، وعن العدالة، فكم من نساء يسكنّ البيوت أو في الأماكن المقدسة ويتلفعن بأحجبة الشرف الرفيع، ويتقنعن بالأغطية، لكنهن يمارسن رذيلة أبشع مما تمارس الداعرات في الملاهي والنوادي الليلية.
إن العراق اليوم مليء بالغش والرشوة والواسطات والتزوير بالشهادات والمناصب في كل مفاصل الحياة، حيث لا نرى الصدق في التعامل من سائق التاكسي حتى عضو البرلمان، حتى الوزير، وحتى رئيس الجمهورية الذي لديه من المستشارين بالأكوام لاعمل لهم وهم لا فضل لهم على أبناء الشعب والعامة من الناس سوى أنهم يتقاضون رواتب ضخمة وهم عاطلون عن الفائدة غير أنهم من معارف الرئيس وأصدقائه أو حاشيته من الذين تراكضوا للعراق للحصول على المكاسب والمناصب والرواتب..
أخيرا.. أكاد أجزم أن الداعرات العاملات في ملاهي العراق هن الصدق الوحيد في هذا البلد بعد أن تلوث كل شيء. هن الوحيدات الصريحات بعريهن وحقيقتهن أمام الملأ. فدعوهن كشيء طبيعي يشفع لهذه البيئة الملوثة علّ السماء التي تقدس الحياة تمنحكم بركات من صدقهن وبساطة إسلوب حياتهن التي ليس لديهن سواها من المؤهلات حيث هن ضحايا السياسيين والمتعصبين أمثالكم، واعتبروهن متسولات رغم أن التسول أشد قبحاً فالمتسولة تقوم أحيانا بالفعلين تحت يافطة المسكنة والذل...
إن الدفاع عن الوطن الذي ينتهي بأيدي السفلة والخونة من بائعيه يدفعني وبحرقة لأقول:
إن لداعرة في الحان أشرف من سارقةٍ في البرلمان
فدعوا الملاهي متنفسا لكم أيها الرجال وللشباب حيث تشتركون جميعا بصفة الحاجة هذه، وكفوا أذاكم عن النساء الشريفات في الأماكن العامة وأماكن العمل والدراسة، وكونوا أحرارا وصريحين ولو بشيء واحد في دنياكم التي خربتموها ...
٢٧-٧-٢٠١٥