الشِعْرُ لايُكْتَبُ من فُراغْ. من وحي أمسيةٍ مع موهبةْ شاعرة عراقية,إسمها بلقيس*. رشيد كرمة Print
الشِعْرُ لايُكْتَبُ من فُراغْ.
من وحي أمسيةٍ مع موهبةْ شاعرة عراقية,إسمها بلقيس*.

رشيد كرمة


لايمكن ولا يصح لأي مجتمع منصف وعادل أن تبقى المرأة ضعيفة (فقيرة الوعي) وهي إنسانٌ كامل القدرات في كل الأزمنة والأمكنة، وهذا يخالف المنطق الرجعي وخصوصا ًفي مجتمعاتٍ تطغي الذكورية السلطوية عليها كما هو عليه الحال في البلاد العربية ـ الإسلامية الذي يريد ويسعى من خلال تطبيقاته اليومية بل اللحظية أن تبقى منتجة الجنس البشري المرأة أكثروهناً وضعفاً و(عورة إجتماعية) حتى وإن كانت هي الأم والأخت والزوجة والبنت والمحصلة إنفصام عقلي بشخصية المتسلط وإتساع رقعة معاناة الضحية وهي الهدف الأسهل للإستغلال وهذا راجع لإضمحلال عصر الأمومة. ويتكرس الإضطهاد يومياً على إمتداد المساحة التأريخية والجفرافية للبلدان الإسلامية تحديدا,ويتراكم هذا الكم من الإزدواجية وهو نتاج مجتمعاتنا التي تفتقد للجرأة والذاكرة معاً إلا من بعض مبدعينا ومنهم (بلقيس).
لست بصدد شعرونتاج وإلقاء** شاعرة عراقية أطلت على جمهور متعلم ومتنور***,وإن لم يكن كبيراً في الكم ولكنه كان نوعياً,ووجدت نفسي ومنذ اللحظة الأولى للكتابة أُفَضِّل الإشارةعن مخزونها الفكري من خلال إطلاعها وقراءتها للموروث وللأدب بجد وبعقل, ولا أشك أنها قرأت بعقل متنورالتوراة او شئ منه والإنجيل والقرآن وإلا كيف كتبت عن مخاض مريم وهي التي لم يمسسها رجل؟ وأن كانت مريم رمزاً مجازيا ً للمرأة كتب لها أن تلد بالآلآم.أو كيف كتبت شعراً مُطولاً عن تأريخ البشرية وتناولت أهم مفصل تأريخي أبدع به العرب المسلمون وغيرهم أو من عاش في جغرافيته أن يلامس العلوم المختلفة وهو ما إفتقدته الشعوب الأخرى ومنها الغرب المتخلف حينها والعابث حيناً آخر والمتاجرحاليا بحقوق الإنسان واللحظة التأريخية العصية التي ذكرتها الشاعرة (بلقيس ) في زمن الإبداع والعصر الذهبي هي تلك اللحظة التي تلازمنا الآن وهو زمن غلق إجتهاد العقل في قراءة وتفسير النصوص وهذا هو محور عملنا النضالي الإنساني المثابر والمعقول جداً...
لذاكرة أي شاعر وشاعرة الأثر الكبير في إستحضار اللحظة الكامنة في خلايا الدماغ ثم صقل الموهبة وأعتقد أن العائلة التي أرست ( سياسة الديمقراطية) في الجو الأسري الذي عاشته الشاعرة وكما عبر عنها الشاعر الذي أدار الحوار في الأمسية (عباس سميسم)هي المرتكز لكتابة ألف باء الشعر,إذ أن قتل الفتاتين ( فضيلة الضريرة ونورية****) مراقبة الصف وعمريهما لايتجاوز14 عاماغسلا للعار في مجتمع عشائري متدين حد العمى شكَّل في الضمير مايشبه العهد في فضح الجريمة التي أزداد ويزداد عدد ضحاياها من الفتيات والجاني هو الذكر الطليق المتسلط ولكن الكتابة عنهما سواء كان شعر وقصة ورواية عندما تسنح الفرصة,وهاهي متاحة, ولكن ومن سوء الحظ ان تتم جريمة القتل المجاني للمرأة بمباركة السلطات سواء كان دينية اوتستمد الكثير منها وهذا تحصيل حاصل كما يقال !!!
الجرأة عند الشاعرة تحديدا ًهي مفتاح باب النجاح, وإذ تحين الفرصة فهي تكتب عن التحريض ضد المُسْتَغْلْين وتكتب شعراً عن المقاومة ضد الغزو والإحتلال وتناصراللبنانيين والفلسطينين وتستذكر دوام الحب وضرورته للوطن الأم , ما أن غادرته حتى بكت عليه وكذا لبنان وسوريا إذ هما أضحا وطناً كما الآن المهجر الهولندي ولم تنسى أكراد العراق وأنصار الحزب الشيوعي العراقي وشهيدات الحرية والنضال من أجل غد مشرق.
وختاما لهذه التغطية السريعة جداً أجد أن الجرأة هي طريق المرأة للتحرر من أعباء مجتمع ثقيل وأيسر السبل وأشقها ان تكتب المرأة عما يعيقها من حب الوطن الذي لاشبيه له.
الهوامش:
ـــــ
*الشاعرة العراقية (بلقيس حميد حسن) ولادة الناصرية , نشات ضمن عائلة إهتمت بالشعر والأدب , غادرت العراق مكرهة بعد تسلط الدكتاتورية البعثية نهاية السبعينات أنتجت الكثير من الشعر وألأدب.ولا زالت تحلم بوطن معافى أو كادت تقول : يا سنين توقفي حتى نعود.. وأختيرت من منظمة العفو الدولية مع 150 شاعرة عالمية ضمنهن خمسة شاعرات عربيات مع العراقية (نازك الملائكة) تمتاز كتابتهن بالكفاح من أجل الحرية والتوق إلى عالم خالٍ من الإضطهاد والحروب والظلم والرغبة في توضيح العلاقة الملتبسة بين المرأة والرجل .
**كدت أهمس للمخرج العراقي البصري (لطيف صالح) الذي جلست جنبه إحتراماً وتحبباً وأقول: أنظر إلى إلقائها وتعبير الوجه وحركة اليد التي أعاقها الكتاب" ديوان شعر" فهي تمسرح شِعْرُها اللغوي العربي بحركةٍ ولكنةٍ ولهجةٍ لازالت تفصح وتحتفظ ببيئة ناصرية سوق الشيوخ رغم الثلاثون عاما ونيف من الغربة ,فمرحى لهذا الإنتماء الذي لاينتهي.
***جمهور متعلم ومتنور من نساء ورجال تنادوا لدعوة كريمة من التيار الديمقراطي العراقي فرع يوتبوري , البيت الثقافي العراقي في مدينة يوتبوري , جمعية المرأة العراقية يوتبوري , رابطة الأنصار الشيوعيين واصدقائهم..
**** أسماء فتاتين ضحيتا قانون فاسد هو غسل العار الذي شرعهما المُفْسِد نفسه علقا في ذاكرة الشاعرة وسردت قصص قد تكون ذا مغزى وأكثر.
أمنياتي الطيبة للشاعرة الإنسانة والجريئة بلقيس العراق, التي لم تبرح تسأل: لماذا عزف الناس عن قراءة الشعر, والجواب لكثرة ما كتب من هجين.
السويد رشيد كَرمة 10تشرين الثاني 2012
ضحيتان **