بلقيس السنيد سفيرة الهم العراقي تعود الى المنابت الأولى Print

بلقيس السنيد سفيرة الهم العراقي تعود الى المنابت الأولى


فرقد الحسيني

15/05/2009


مثل يمامة بيضاء أفردت أجنحتها لتلقي بصدرها المثقل بعذابات الغربة وهموم الترحال  على ارض منابتها الأولى ، ليلامس قلبها عبير تراب سوق الشيوخ الممتد بروحها نحو فضاءات سومر لتستنشق منه رائحة العنبر ، وهي تردد ماقاله (ابو تمام)

 كم منزل في الأرض يألفه الفتى ......... وحنينه ابدا لأول منزل

وقبل ان تصافح عيونها  ازقة حفظت لها خدوش الطفولة ، لمع بعينيها بريق نخلة اسدلت جدائلها بحنين عاشقة ، وعطرت جبهتها برائحة الطلح لأستقبال موسم العطاء ومنح الآخرين اقراطا ذهبية ، كانت تلك النخلة تنتصب بشموخ وسط حديقة التجمع الثقافي في سوق الشيوخ

لتستقبل ابنتها بلقيس، مع عيون تترقب تلك اليمامة القادمة من يلاد الثلج ، واعناق تشرئب نحو افق تطاول حتى لامس مسارات النجوم.مسارات خطتها بلقيس لتحكي للقادم من الأزمنة قصة للعشق، كانت بلقيس تشق طريقها نحو منصة إبداعها ، لتصافح المستقبلين لها بدموع الطهر لتقول لهم بصوت بح من الشوق ،انا هنا ..انا هنا ، عدت اليكم ..عدت الى النخلة لأشم طلحها

انا بلقيس وهذا العرش ، هذا العرش الذي اجلستموني عليه .. انا امينة عليه ،  انا فخورة بكم ..انتم اهلي ، ثم اغمضت عينيها لتترك الآخرين يقفون ، ملوحين لها بالقلوب التي ماعرفت يوما الا الحب 

ومن غير قصد  ارسلت عيونها دمعة ساخنة،  تدحرجت نحو القلوب فأستقبلتها دموع الحاضرين لتمتزج في امسية رائعة على حدائق التجمع. بدأت في الساعة الخامسة عصرا  

يوم الأربعاء 29/4/2009 ،حضرها جمهور غفير من الأدباء والمثقفين والمواطنين ، وكان في مقدمة الحضور قائمقام القضاء واعضاء المجلس البلدي .

بدأت الأمسية بكلمة رئيس التجمع الثقافي في سوق الشيوخ الكاتب فرقد الحسيني ،مرحبا بالكاتبة والشاعرة بلقيس السنيد ومشيرا لها بأصابع غير مبتورة: 

ومثل يمامة هذه التي تجلس اليوم بيننا ، انطلقت من بين حرائق وقودها الإنسان جسما وفكرا ، انطلقت تسبح في فضاءات تتسع كأحلامها تبحث عن عش فيه رائحة القصب واقواس سومر ، عن عش في خضراوية تغسل جدائلها بشاطىء الفرات ، هاهي اليوم بيننا في استراحة لتحكي لنا قصة وطن بين حنايا الغربة أو غربة بين حنايا الروح ، انها بلقيس السنيد ،نقول لها الف تحية لأبداعك لقد كنت بحق سفيرة الهم العراقي المتشح دوما بحب الأبداع ، ثم قرأ مقطوعة شعرية

(صهيل المنافي                   

                                                                    

حطمي سيدتي المرايا القديمة

فوجوهنا فيها مشوهة

وحاوري اشتعال الشمع

وأحتراق الطقوس

أزيحي لغة الرصاص

عن خدوش طفولتنا

أو أمسحي الخدوش.. لئلا ..تباع

حطمي تعويذة الصحراء

واشطبي صحارى التعاويذ

ترجمي لنا تمتمات الفجر

على شفاه خرساء

كي تمطر سماء الله

من سحب نقية

لتغسل النجوم

بماء الطهر

مدي يديك

 لشمس أتعبها الترحال

لتمنحك عرش بلقيس

رصعي اجنحة المنافي

بصلوات الفقراء

ورتلي عليها شهقات النذور

 

جاءت بعدها قصيدة  الأديب الأستاذ جميل الماهود نائب رئيس التجمع الثقافي اعقبتها كلمة الأستاذ عبد الخالق الزهيري الذي رحب بالشاعرة يلقيس السنيد ، ثم قرأ الشاعر رياض جهاد مقطوعة شعرية بالمناسبة ، تلتها كلمة للأستاذ عبد الأمير القانوني ،

وخلال الجلسة قدمت طفلة من مدينة سوق الشيوخ باقة ورد للشاعرة تعبير عن حب مدينة سوق الشيوخ  لها .

وبعد ان قرأت الشاعرة مجموعة من قصائدها التي قاطعها الجميع بالتصفيق تارة وبالدموع تارة أخرى ، حاورها الحاضرون حول الغربة والوطن الذي عاش في ضميرها وحملته بين جنبيها تحتضنه حنايا وشغاف قلب ام عراقية حنون.

وفي الختام قدم رئيس التجمع شهادة تقديرية للشاعرة المبدعة بلقيس السنيد معتذرا لها من ان ذلك قليل امام هذا الأبداع والوفاء للعراق ولسوق الشيوخ .

وفي نهاية الأمسية هرعت الجماهير تلتف حول المحتفى بها بحب  وأعجاب ، ليلتقطوا معها صورا تمنى الجميع لو يتوقف الزمن عندها ،لتبقى هذه  الأمسية متجذرة في عقول وضمائر ابناء مدينة عشقت الطيبة والأبداع .