رحلت الجميلة ام سلام " سهام علوان" Print

رحلت الجميلة ام سلام " سهام علوان"


بلقيس حميد حسن


ليس هو عزاء بموت فقيد , ولا هي كلمات من اجل الكتابة والنشر , ولا هي ترضية لمشاعر مجروح , ولا هو واجب لا بد من القيام به.. هو شيء من أ لم روح , وتدفق ذكريات , وفجيعة ..
اكاد لا اصدق ان الجميلة ام سلام قد رحلت دون عودة ..
كيف ؟
هل هذا هو القهر المكتوب على البشر تحمـّله ؟
هل هي النهاية التي لا تـُناقش ؟
فما أشد واقسى المسؤولين عن سلامتنا ووجودنا على هذه الارض...
كنت اسمع من أمي مقولة مرعبة عن الموت والخالق حينما تقول :
"قاهرٌ عباده ُ بالموت"
ما اقسى ان نعيش لنرى تلك النهاية التي لا نؤمن بمبرراتها احيانا , النهاية التي لا تمنحنا حتى امكانية السؤال بلماذا ؟
ام سلام .. سهام علوان
الشابة الجميلة ذات الشعر الطويل الأسود ,, العراقية في بيروت عام 1979 , المرأة ذات اللون والسحر الغجري , الجنوبي, المحبب, وكأنها آتية من عوالم لم تطل على الأرض بعد .. الرصينة والملتزمة والمحبة للجميع والمتمردة بذات الوقت على كل ماهو غير انساني , والتواقة للحياة ..
الفنانة التي أرادت ان تثبت في كل مكان تكون به انها خلقت للحياة والفن والجمال..
ترحل دونما ضجيج..
لله درك ياعاشق الجمال , كيف استطعت الصمود امام كل هذه العذابات؟
كيف تمر علينا قرارات الرحيل دون علم , وكيف نرضى ان نكون جمادات لا نساهم بالقبول بتغيير احجار الشطرنج التي تكوّننا؟
من يلعب بنا دون النظر لعقولنا , واين من نصطف معه لنغير تلك الفجائع؟
هكذا نحن وحيدون الا من دمعة .. وغريبون الا من اسم .. وذاهبون الا من كلمة رثاء...
لاتقولوا انها كلمات يسطرها جنون المفجوع , فقد رأيتها قبل اكثر من عام , وبعد غياب دام اكثر من خمسة عشر سنة , تعانقنا و بكينا , استحضرت بها كل امل بالحياة حفزني للبقاء منذ عام 1979.. حينما كانت صباحات بيروت تتنفس الموت على قارعة المجهول .. كانت ام سلام تحاول بكل ابتساماتها الطيبة والبريئة ان تستحضر لنا حياة مليئة بالجمال, وعبر فنها على مسرح قاعة السوسول وقاعة عز الدين القسام في بيروت, كانت تمنحنا البهجة وحب الوطن والناس , وماكنا نعلم انها تمد جسورا غير مرئية لتساوم الموت على منحنا تلك السعادة المؤقتة, تمنحنا ذلك الفرح القليل على حساب همومها ودواخلها المعتلجة بالصراعات الفلسفية والطموح اللامحدود للفن والابداع .. ..
لن اقول او اطيل كثيرا . ام سلام ستبقى
وام سلام ستحيا رغم الموت ,وام سلام ستزور بيروت وبغداد وكل عواصم العالم بدون خوف أو إذن من المسؤولين , ستكون موجودة فينا جميعا, ستكون موجودة في الاجيال المقبلة , صورة من ماض ٍ جميل أرسى دعائم الجمال والمحبة , ورحل بعد اطمئنان ..
2009-8-11