نافذة
-
حوار على جدار الأرقRead more...
-
بلا أهل ٍ ولا وطنِRead more...
-
شكرا لكمRead more...
ُمخطئ ٌ مَن ظـَن يوماً أن للثعلبِ دينا |
ُمخطئ ٌ مَن ظـَن يوماً أن للثعلبِ دينا
بلقيس حميد حسن
أردت بهذه المقدمة أن أقول أن أهل العراق الذين يبحثون الآن عن عظام أحبابهم بين المقابر , وبين أوراق المخابرات وبناياتها المرعبة , التي باتت نهبا للبشر والقطط والكلاب, والذين يفتحون مجالس العزاء ويستقبلون الناس للمواساة بفجائعهم , ليسوا هم ذاتهم الذين يفكرون بمَن من العراقيين المعارضين قد أخطأ ومن لم يخطأ؟ , وهذا لا يعني أنهم أقل وطنية من سواهم , بل هم أكثر الناس ارتباطا بالقضايا الوطنية والإنسانية , بدليل أنهم وأبنائهم الذين تحولوا إلى عظام, قالوا لا للنظام المستبد , جميعهم و من مختلف القوميات والأديان والاتجاهات, وإن أحصينا كل الشهداء والضحايا سوف لم نجد عائلة واحدة بالعراق قد سلمت من بطش النظام سوى صدام وأولاده وبعض أزلا مه المتشبثين اليوم بأساليب الموت والدمار والواضعين أيديهم وأسلحتهم لقتل العراقيين وتدمير العراق إذ هم تعودوا توجيه سلاحهم ضد أبناء الوطن . وأقول للإعلام العربي الذي يحاول تأجيج الصراعات بين الطوائف ويردد كلمة الحرب الأهلية والطائفية وتقسيم العراق, ليعتبرها واقعا يهيئ له النفوس الضعيفة , أن هذا العمل هو محاولة لإشاعة الصمت الجبان وحفر قبور أخرى ليست ببعيدة عن العراق , فالديكتاتوريات ليست مهذبة وحنونة بالقدر الذي يتصوره البعض , ولئن تميز صدام حسين بدمويته وبردود أفعاله الوحشية التي تقشعر لها الأبدان, والتي جزء منها هو الإبادة البشرية التي مارسها ضد شعبنا العراقي على اختلاف قومياته وأديانه وطوائفه وأعراقه , فإن قوة المعارضة العراقية وعدم سكوت الشعب على الضيم والظلم كان سببا قويا بتكشير هذا الديكتاتور عن أنيابه , ولتتعظ المعارضات العربية التي ترزح ألان تحت نير حكوماتها التي- بأحسن الأحوال- تسمح للأعلام بامتصاص نقمة الشعب فقط عن طريق الكوميديا أو الكاريكاتير لتبقى وليقال عنها أنها تملك شيئا من الديمقراطية , وهانحن قد رأينا بأم أعيننا , أن الدولة العربية التي يعيش بها عدد هائل من المفكرين والعلماء والأدباء والمبدعين , ألا وهي مصر , وتدعي أن بها حرية ومتنفس للصحافة , نرى أن زعيمها عندما أصابته وعكة صحية دعته للسفر خارج القطر , كادت الحكومة أن تـنهار, لان السلطات كلها قد تجمعت بشخص الحاكم العبقري الملهم , والذي لا شبيه له من بين سبعين مليون مصري , ولان العلاج الوطني غير نافع للحكام ولكنه يـُشجع ويوصف للشعب فقط رغم أننا نرى يوميا القنوات الفضائية تضج بالدعاية للمستشفيات والعيادات والاختصاصيين والأدوات الطبية , دونما نعلم لماذا يتركها حكامنا ويذهبون إلى الخارج فاضحين بذلك أكذوبة الإعلام العربي ومسقطين ثقتهم بالوطن وبالعقل العربي وبكل ما ينتج عنه من علوم وتقنيات وبحوث, محبطين بوعي لاشك فيه كل إحساس بالوطنية يحمله عشاق الوطن المساكين, طاعنين أي أمل لهم بالثقة بما يفعلون , رغم كل هذا والصمت سيد الموقف وأغلب المفكرين والعظماء العرب يتفرجون بالعي ألسنتهم خائفين من سورة غضب القادة , فأنى لهم التفوه بالديمقراطية والتشدق بها في أوطانهم ؟ من هنا نقول وبكل جرأة وثقة بالمستقبل : يا اخوتنا العرب لا تظنوا بالديكتاتوريات خيرا , ولا يشغلونكم عنهم بنا, فوالله لو كنتم قد وقفتم لهم كوقفة المعارضة العراقية منذ أربعين عاما , لامتلأت الأوطان بكم مقابر جماعية , إن لم تمتلئ بعضها ألان وأستذكر هنا ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي : مُخطئ مَن ظنَ يوماً أن للثعلب ِ دينا فالمعارضات العربية لو كانت بقوة المعارضة العراقية زمن صدام , لتحول كل ديكتاتور عربي إلى صدّام مرعب , ولأصبح لكل بلد صدامها الفاتح مقابرها والفارم أجساد شبابها بفرامات اللحوم والمذوب مفكريها وخيرة أبناءها بأحواض التيزاب الرهيبة.
|