نافذة

في مؤتمر المغتربين الأول Print

   في مؤتمر المغتربين الأول

   بلقيس حميد حسن                                                                         

في مدينة مانشستر البريطانية دعيت ُ  لحضور فعاليات  مؤتمر المغتربين الأول الذي عبـّر عن مكونات الشعب العراقي بأطيافه المختلفة , وقد ساهمت ُ  فيه بمحاضرة بعنوان" حقوق وواجبات المهاجرين العراقيين  ومعوقات العودة".
كان المؤتمر زاخرا بالآراء والاختلافات العراقية والرؤى المجتمعة لأجل إيجاد سبل بناء ومشاركة في العراق الجديد، وجاء انعقاد هذا المؤتمر في يومي الرابع عشر والخامس عشر من هذا الشهر كخطوة تواصلية تغني  تحركات الحكومة العراقية لمواكبة الحراك السياسي والتفاعلات اليومية للشأن العراقي.
في  ذلك اليوم العراقي انطلق الحصان الرشيق الجامح ليرسم خطواته الأولى وبطاقاته الخلاقة صوب الوطن ..هذه الطاقات  التي لم يروضها كل ترهيب وترغيب النظام الديكتاتوري .. طاقات متناثرة في أصقاع الدنيا ومنافيها .. تشربت حب الوطن كمولد أول  وأضافت له من نكهات الثقافات الأخرى فكانت مزيجا من حضارة العراق الأولى وشموخه وعلوم وخبرات بلدان الإقامة.. فأصبحت ثروة وطنية كبرى لا تقل عن إحدى ثروات عراقنا الحبيب،كنفطه ونخيله ومراكز الحضارة فيه ..
 لقد افتتحت وزيرة المهجّرين والمهاجرين السيدة سهيلة عبد جعفر مؤتمر المغتربين العراقيين الأول, والذي دعت له الوزارة عن طريق لجنة تحضيرية أخذت على عاتقها الإعداد للمؤتمر ودعوة مجموعة من الأكاديميين والدارسين والناشطين في منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وذوي الكفاءات  والاختصاصات العلمية والعقول الزاخرة  بها جاليتنا العراقية المشهود لها بالتميـّز بمستواها العلمي والثقافي.
 لقد ركزت كلمة السيدة الوزيرة على الاهتمام بأبناء الجالية العراقية وضرورة مساهمتهم  ببناء الوطن, حيث أرادت الاستماع للكثير من الملاحظات رغم ضيق الوقت الذي اصبح  مربكا للمحاضرات والبحوث التي قـُدمت مختصرة  الكثير من النقاط الهامة التي تمنينا إشباعها نقاشا أمام شخص الوزيرة والوفد القادم من الوطن.
لاشك إن أي عمل يجمع عدداَ كبيراً من المساهمين, سيحتاج حتما إلى جهد كبير, وذلك  ما وجدناه حاضرا فيما قدمه الاخوة في اللجنة التحضيرية أمثال السيد المهندس رياحين الجلبي وزملاءه الآخرين الذين حاولوا مشكورين  بكل ما عندهم من طاقة إنجاح هذا المؤتمر, ولابد من التنويه إلى انه  لا يمكن أن يـُدعى للمؤتمر الآلاف من  الشخصيات العراقية التي تستحق الحضور , رغم أن  اللجنة التحضيرية  حرصت  حرصا كبيرا وملموسا على  تمثيل الأطياف العراقية وهو مهمة ليست سهلة للتحرك وجمع شمل اكثر من 120 عراقي وعراقية من مختلف بلدان أوروبا .
 إن كل عمل يشتمل على الإيجابيات كما السلبيات التي  لابد من تسليط الضوء عليها  لتكون دافعا  من اجل تطوير العمل والوصول إلى درجة تلبي طموح الغالبية من العراقيين سيما ونحن ننوء بوطن مدمر وشعور جريح بالفقدان والقهر والتشرد وضياع الأحلام على مدى سنوات الديكتاتورية التي تركت أوزارها الثقيلة وانزوت في مزبلة التاريخ.
ومهما قيل في المؤتمر ومهما كُتب بحقه , فسيبقى خطوة إيجابية أولى صوب الاهتمام والالتفات إلى الطاقات البشرية في الخارج , رغم أن مسؤولية وزارة المهجرين والمهاجرين كبيرة جدا, إذ حاولت بعض القوى المعادية للعراق دق إسفين بين عراقيي الداخل وعراقيي الخارج , الأمر الذي يتطلب من هذه الوزارة أن تناضل من اجل رفع الحيف عن أبناء العراق في الخارج  والقضاء على  ما يمكن أن يخرج من دعوات لا وطنية تعزل هؤلاء عن الوطن  كما عليها ردم الهوة بين أبناء الوطن الواحد أينما وجدوا.
 وليس المقام هنا لنحصي معاناة أهل العراق ، بقدر إظهار ما رأيناه من رغبة ونوايا جادة  للوزارة  والمساهمين في المؤتمر بالتوحد وبناء ما خربه البعث،كلّ هذا يجعلنا نتفاءل رغم الهموم المحيطة بنا , ورغم الإمكانيات البسيطة التي خصصت للمؤتمر و للمساهمين حتى أن بعضنا دفع من نفقته الخاصة ليكمل مصاريف الحضور إلى المؤتمر مما يعكس الاستهانة من قبل الحكومة بهذه الطاقات التي لا يمكن للعراق الاستغناء عنها في مهمة بناءه العسيرة والتي تحتاج إلى كل جهد مهما صغر.
لقد بذل  جميع الاخوة من المساهمين جهودا كبيرة بمحاضراتهم وبحوثهم وإدارتهم للجلسات  , لكن للأسف كان ضيق الوقت أحد أهم السلبيات حيث استغنى كثير من المحاضرين -  وأنا واحدة منهم-  عن طرح نقاط هامة ضمتها البحوث والمحاضرات كما  تسبب في حرمان العديد من الاخوة المؤتمرين من إبداء ملاحظاتهم , وهذا طبعا جاء بسبب بعض الأمور الفنية ،كما وأن مدة اليومين المخصصة للمؤتمر  ما كانت كافية مع كثرة البحوث التي قدمت،وحاجة الحضور لتداول الأسئلة والمناقشات،وبالتالي أدى هذا إلى عدم الخروج بنقاط يتفق عليها جميع المؤتمرين, أو هيئة تنتخب من قبلهم  لتقوم بعمل لجنة تحضيرية في المؤتمرات المقبلة ولتأخذ على عاتقها كثيرا من الاقتراحات التي قدمناها في المؤتمر.
أخيرا  لابد من تذكر قول:
أن مسيرة الألف ميل تبتدئ بخطوة .
وها نحن قد بدأناها ولابد من مباركتها كشجرة  مثمرة ,  لتنمو وتتفرع أغصانها عابرة  الحدود صوب الوطن الحبيب .....
20-1-2005