نافذة

الوحدة الوطنية ضرورة أمام العنف والإرهاب Print

الوحدة الوطنية ضرورة  أمام العنف والإرهاب

        بلقيس حميد حسن                                                      


   إن جميع القوى الوطنية العراقية , التي عانت الأمرين من نظام صدام لما تزل تعاني من ويلات قوى الرجعية والظلام ومن بقايا فلول البعث إلى قوى الإرهاب  المتسلل للعراق عبر الحدود من كل حدب وصوب اعوج, فالخطف والذبح والعنف يطارد قوى اليسار العراقي والشيعة من أهالي الجنوب الفقير ويستبيح مدينة الموصل  وكركوك ومناطق الكرد  رغم ما وفرته لهم ظروفهم الراهنة من بعض الحماية التي تفتقر أليها مدن الجنوب المباحة , وتتعرض القوميات والأديان الأخرى بالعراق من مسيحيين وآشوريين وايزيديين  وتركمان  وصابئة مندائيين وغيرهم  إلى أنواع شتى من الرعب والوقوف عراة أمام المد الدموي الإرهابي الذي يفتك بهم ,إلى فتاوى من يطلقون على أنفسهم علماء دين وما هم إلا رجال رعب وتخلف, وما هم بعلماء  كما قال الإمام علي:
 
خطأ الجاهل بواحد وخطأ العالم بألف

فان كانوا علماء حقا فتلك مصيبة وان لم يكونوا فالمصيبة اعظم في سواد من الناس يريد أن يضعها في راس عالم ليسلم كما يقول المثل العراقي الدارج (ذبها على عالم واطلع سالم ).
ألان وقد علم كل أناس مشربهم واتضح خيط الوطنية الأبيض من سواد مقاومة تقتل الأبرياء وتذبح على الانتماء , أصبحنا أمام حل لا ثان له وهو إن تتوحد ورقة المضطهدين سابقا وحاليا  وهي ذاتها, الورقة المعلنة للشعب العراقي والمعروفة لديه بمقابره الجماعية وبسيول الدماء التي سالت من جبال العراق حتى اهواره , يصرخ  سؤال لا يمكننا  تجاهله  ألا وهو :
أين كان علماء الوهابيين أيام ذبح صدام  مئات الآلاف من العراقيين  على اختلاف قومياتهم وانتماءاتهم , ولم َ  لم يتحرك  ساكنهم  وهم يرون هول المقابر الجماعية وقتل مدن الشمال والأهوار؟
أين كان هؤلاء الستة والعشرون ليفتوا اليوم بجهادهم ألأعور الذي يرى نصف الحقيقة ولا ينظر أليها إلا من خرم طائفي مقيت , حيث صمتوا حينما بدأ صدام حسين جرائمه ضد اليسار العراقي  مرورا بالأحزاب الإسلامية  والكرد وباقي القوميات, كما كانوا وعاظا للسلاطين وسدنة للصمت حين دفع البعض  لصدام بحربه ضد إيران حتى عباءاتهم لتدوم,  ولتطحن رحاها شبابنا بلا رحمة قائلين له منك الرجال ومنا المال.
اليوم  عراقنا ووجودنا في خطر, و ليس إمام الشعب العراقي والمقهورين منه سوى حل لا ثان له هو أن يتقدموا بقائمة واحدة من يساريين إلى أحزاب إسلامية عرفت بماضيها الوطني وعانت من جور النظام السابق  إلى قوميات وطوائف أخرى   ممن يرفضون  الذبح والعنف , قائمة تعلن علمانيتهم وأيمانهم ببعض و اتحادهم ضد البطش والذبح الطائفي والقومي البشع وليس أمامهم في هذه المرحلة سوى نبذ الخلافات وصغائر الأمور للوقوف صفا واحدا بوجه الوحش القادم حاملا سيف رعبه  الجاهل الذي لا يميز بين رقبة طفل أو امرأة  أو شرطي أراد الدفاع عن الوطن أو كاسب يبحث عن لقمة عيش لأطفاله, اليوم يفتح الرعب فمه ليفتك بالعراق وأهله من فلول سلطة صدام ومن  وهابيين تربوا على تكفير الآخر , والإفتاء بوجوب قتله لدخول الجنة  والاستمتاع  بحور العين  .
 ما كنت يوما أتمنى أن أوضع بموقف لأفرق به بين بني البشر, أو اذكر كلمة طائفية ما,  لكني اشعر أن من واجبي كمدافعة عن حقوق الإنسان إن اقف مع الذين يتعرضون لظلم الإبادة والذبح تحت سيف من  يطلق تكبيرة  قاطعا رقبة إنسان بريء لا ذنب له سوى انتماءه  لمجموعة من البشر دون سواها , هؤلاء الذين يقتلون من أراد مساعدة الشعب العراقي من هيئات وشخصيات إنسانية جاءت لخدمتنا, تلك مجاميع الظلام  الذين يريدون إعادة نظام صدام من جديد ليكمل قضاءه على من  بقى حيا  منا .
 نحن اليوم أمام  رعب عدو كبير,  واضح وضوح الشمس يريد تدمير وطننا وموت أهلنا , فليحذر بعضنا بعضا من تفرقة وطنية  تجعل هذا  الوحش  يغير مسار تحالف الأصدقاء معنا , فإن لم نهزمه بالتعاون مع قوة تسندنا سيقضى علينا جميعا ويعيد مأساة عام 1991 حين ضرب البعث انتفاضتنا وبمباركة أمريكية حينما تغلب الجانب الديني على الانتفاضة وغيـّر كفة التحالفات فبات صدام حسين حليفا لأمريكا ضد التيارات الشيعية بعد أن حاربوه وطردوه من الكويت  , إذن أمامنا اليوم خياران  أحلاهما  مر,  فلنعرف عدونا ولا نستهين به , ولنعرف ما يريد حليفنا ولنستعمله كقوة قادرة لا نملكها  للقضاء على العدو الأكبر كي  نبقى وليبقى عراقنا بشعبه,  ومن ثم لكل مقام  مقال . 

لاهاي
8-11-2004