نافذة

ويلتمسون من القاتل نجاةً! Print

ويلتمسون من القاتل نجاةً!


 بلقيس حميد حسن

طالب بيان هيئة علماء المسلمين السنة الإرهابي الزرقاوي بالتراجع عن تهديداته التي يعلن بها حربا شاملة على شيعة العراق ويعتبر قتلهم ثأرا لأهالي تلعفر, كما يهدد السنة الذين يشاركون بالانتخابات والاستفتاء. والغريب هو أسلوب بيان الهيئة الذي يخاطب الزرقاوي وكأنه ولي نعمة هذه الهيئة ورفيقها في العمل , حيث يقول البيان:
"نذكرك بالله تعالى أبا مصعب الزرقاوي من منطلق أن الدين النصيحة أن تتراجع عن هذه التهديدات لأنها تسيء لصورة الجهاد وتعرقل نجاح المشروع الجهادي المقاوم في العراق وتدفع إلى إراقة مزيد من دماء الأبرياء من العراقيين". واعتبر أن "من يرغب من سنة العراق في المشاركة بالعملية السياسية استفتاء وانتخابا فهذا شانه".
هذا ما قالته هيئة علماء المسلمين في بيانها , هكذا تناشد المجرم الزرقاوي وتلتمس منه بتذلل أن لا يـبيد الشيعة, وكأن هيئة علماء المسلمين تخشى أن تجرح مشاعر الإرهابي هذا فتناشده بالله , وكأنه يعرف الله ويعرف ما معنى الأيمان أو الدين أو المبادئ والقيم الإنسانية, وهو الذي لا يفعل سوى القتل والذبح والتعدي على الإنسانية وعلى كل الأديان والقوانين والحقوق , اعجب من هيئة علماء المسلمين التي تدعي أنها تتحدث باسم السنة العراقيين وهم منها براء, لقد اختطفت هذه الهيئة اسم سنة العراق , كما يختطف الإرهابيين بعض المدن العراقية ويأخذوا أهلها متاريس ورهائن , والحديث عن السنة العراقيين لا يمكن أن يستأثر باسمهم هيئة أو اسم جهة ما , إذ يبقى الحديث ناقصا فهو يعبر عن آراء فردية في الغالب, أما سنة العراق كحقيقة فهم الذين رأينا مثالهم في حادثة جسر الأئمة, حيث ضحوا بأنفسهم لإنقاذ إخوانهم العراقيين دون النظر لمللهم , وهم الذين قضى الكثير منهم بسجون الديكتاتور ومعتقلاته رافضين نظام صدام وحروبه, كما أن المجرمين الذين يقتلون الأبرياء يوميا بتقجيراتهم العشوائية التي لا يراد منها سوى الدمار وتخريب البلاد وأحداث الفوضى , هل يعرفون انتماءات الضحايا إن كانوا سنة أم شيعة ؟ صحيح أن الشيعة هم المستهدفون من قبل الإرهابيين , لكن العراق متنوع وبغداد تختلط بها الانتماءات , فهل أن القنبلة والديناميت تشعر انتماء الضحية لتقتله ؟

قومي هم قتلوا أميمَ أخي ××× فإذا رميت يصيبني سهمي

إن الإرهابي الموهوم بحور العين وخيالاته بها, حين يفجر نفسه المجرمة لا يعرف من سيموت في الانفجار من أهالي العراق الذين هم من الشيعة والسنة وبقية الأديان التي يتكون منها الشعب العراقي, فهل أن الانفجارات التي حصلت حتى ألان لم يتضرر بها من أبناء العراق السنة ؟
إذن لماذا هذا الاحترام للزرقاوي يا هيئة علماء المسلمين وما انتم بعالمين إنكم تدمرون بهذا التواطؤ بلادكم ووطنكم, كان من واجبكم أن تحاربوه , وتطلبوا منه الرحيل مطرودا مرفوضا من ارض العراق, وطننا جميعا ووطنكم إن كنتم مخلصين .
ولتعلموا أن سنة العراق اليوم, يريدون المساهمة بالاستفتاء مهما كان موقفهم ضد الدستور أو معه, فهم سيشاركون بالعملية السياسية , انهم أبناء العراق الحقيقيون , والزرقاوي غريب عنا, فكيف تقبلون يا هيئة علماء المسلمين أن يملي عليكم هذا المجرم القادم من خلف الحدود ما يريد ويهددكم وتردون عليه بأسلوب من يخاطب الأمير أو المنقذ ؟
كيف تقبلون بهذا الإرهابي والساعد الأيمن لقائد الإرهاب بن لادن , في الوقت الذي تدعون به محاربتكم لقوات الاحتلال ؟ أين كان الزرقاوي وابن لادن حين دمر صدام العراق بحروبه المجنونة وقتل ما قتل وأباد من أبناء الشعب على اختلاف أطيافهم ؟
يا هيئة اللاعلماء أنكم ضحايا نظام صدام الذي باعنا جميعا وباع العراق للزرقاوي , فلازالت تأثيراته عليكم تفعل فعلها, أن الذي يملكه الزرقاوي اليوم ويعيث بنا قتلا وتدميرا هو من أموال العراق وخيراته , التي أهدرها صدام على مجموعات إرهابية ونفعية , مجموعات وصولية ومجرمة عربية وغير عربية, نراها تتشدق يوميا على الفضائيات باسم المقاومة وباسم العروبة التي يدعون حتى جعلونا نكره أن ننتسب لهذه الكلمة التي اقترنت اليوم بالدم والموت والتخلف, فما بالكم بالنسبة للشيعة العراقيين وقد اقترنت منذ اكثر من أربعة عشر قرنا بالقهر والذبح وتقطيع الرؤوس والفقر والتهميش التي عانى منها شيعة العراق منذ ذاك الوقت حتى يومنا هذا, فهل لكم اليوم يا مدعي العروبة من هيئة علماء المسلمين أو العرب الذي ينتسب لهم الزرقاوي أن تنصفوا الشيعة العراقيين الذين يموتون أمام أعينكم يوميا وان تتخذوا موقفا عمليا واحدا ليفتخروا ولو لمرة واحدة بالتأريخ بموقف من مواقف هذه العروبة التي تدعون؟
أقول قولي هذا من منطلق الحديث عن حقوق الإنسان لا من منطلق طائفي حيث لا أؤمن بالطائفية ولا احتسب لها , وكعراقية أضع أسئلتي أعلاه لا ليجيب عنها السياسيون فقط بقدر ما هي سؤال موجه إلى المثقفين العرب أينما ثقفوا:
أين موقفكم من هذه الكارثة الإنسانية ؟

21-9-2005