نافذة

أولويات الحكومة العراقية الجديدة Print

             أولويات الحكومة العراقية  الجديدة

 

                  وآليات العمل لتحقيق نجاحها


   بلقيس حميد حسن

                                                               

    من الأهمية بمكان أن تساهم الجماهير العراقية منذ الآن بتحديد أهم الأولويات التي لابد وأن تهتم بها الحكومة الجديدة , وأن الكتابة في هذا الموضوع يجعلنا مساهمين بشكل أو بأخر بسياسة الوطن الذي عانى ويعاني الكثير , وأن المساهمة الخيرة والفعالة من أصحاب الفكر والثقافة  والمناضلين الوطنيين من السياسيين  , لهو أمر هام يعكس حرص العراقيين على مستقبل وطنهم وعلى حبهم له ولشعبه الجريح, من هنا أجد من واجبي كعراقية أن أقول كلمتي.
أرى أن أهم الأولويات الرئيسية التي لابد وأن تضعها الحكومة العراقية الجديدة المقبلة  موضع الاهتمام الأول والآليات التي لابد من العمل بها  هي
1-إن المحافظة على أمن وحياة العراقيين هو من أهم أسباب البقاء للدولة, التي تقوم على  حياة الشعب وبقاء أرض الوطن  , وتوفر الأمن في أي دولة يجنبها تعرض استقلاليتها للخطر ,  وهنا لابد من آليات جديدة قد لا نجدها في تجارب الشعوب ومن حقنا أن نضع تجربتنا الخاصة في إطار الوعي البنـّاء لأوراق التأريخ العراقي . لقد علمتنا  تجارب الشعوب,  أن العدو مهما كان شرسا ومهما كان خبيثا وقويا لابد وأن يهزم حينما تتكاتف كل القوى الخيرة ضده , هذه بديهية  معروفة , والجبهة التي لابد وأن تهزم الشر بالعراق وتحقق للمواطن العراقي الأمن والاستقرار هي جبهة وطنية داخلية تتشكل من  قوى الخير بمواجهة الشر الذي يعصف بالوطن , وعلى الحكومة  العراقية مفاتحة  جميع الأحزاب والقوى الوطنية العاملة بالعراق , حيث أن  المساهمة الفعالة في دحر وتطويق قوى الشر من خلال لقاءات مستمرة وتنسيق بين الأحزاب والحكومة بتكوين جبهة داخلية تقودها الحكومة الجديدة وتوجه لها هؤلاء الخيرين من الأحزاب التي لابد وأن تتنافس بالدفاع عن حياة المواطن العراقي وممتلكاته ومن أجل بقاء الوطن مصانا ولتثبت قدراتها الوطنية على الساحة خاصة وأن الديمقراطية المقبلة ستتيح لكل الأحزاب إمكانية الدخول بالانتخابات العامة وسيكون نضال الأحزاب سياسيا بحت  بعد القضاء على آخر أوكار الجريمة الذي انعكس في جبهة شر تكونت من  فلول النظام البعثفاشي مع خلايا الإرهاب من تنظيم القاعدة وسواهم المرتزقة  الذين قدموا إلينا من أراض أخرى لفظتهم كرها , ومن الذين اشتراهم صدام حسين بأموال الشعب العراقي , من المغفلين والراغبين بالموت للحاق بأوهامهم , ويتطلب هذا من الحكومة إصدار تدابير احترازية وقوانين قد تصل لقانون طوارئ في المناطق غير الآمنة من العراق  بشرط أن  ينتهي بأجل مسمى ومحدد بزوال أسبابه  كأن يكون عاما أو أشهرا من أجل التضييق على مرتكبي الجرائم  , ودعوة لمساهمة جميع أفراد المجتمع بتحمل مسؤولية  الأمن والاستقرار , ولا اعتقد أن الشعب العراقي الذي احتمل نظام البعث المرعب أن لا يتحمل قانون طوارئ بشكل مؤقت والذي تفرضه ضرورة حماية المواطن ,خاصة وأن هناك مبررات منطقية له وهو أن العراق في حالة حرب  عنيفة مع الإرهابيين  و من أجل تخليصه من الموت اليومي والتخريب المتعمد بممتلكاته وتعريض سيادة الوطن  للخطر على أن لا ينفي هذا عمل منظمات ولجان حقوق الإنسان ومراقبتها لتطبيق قانون الطوارئ الذي يجب أن لا يحيد عما رسم له في هذه المرحلة الخطيرة من تأريخ العراق, كما يتطلب من الحكومة التأكيد على صيانة الحدود العراقية وإصدار قواعد وقوانين تحد من تواجد الأجانب وتضيق الخناق على المتوافدين من الإرهابيين والمتسللين غير الشرعيين  , وذلك من خلال تدريبات كادر بإشراف الحكومة مباشرة يقوم بدوره بحماية حياض الوطن واستتباب الأمن وأن تكون الخطط الأمنية سرية كي تستطيع الاستمرار بعملها بنجاح وتفويت الفرصة على المجرمين  وهنا أورد ما رأيته من لقاء مع ضابط كبير بالشرطة العراقية حين قابلته إحدى القنوات التلفزيونية وهو يقول إننا نسير دورياتنا من الساعة كذا إلى الساعة كذا وأخذ يسرد ساعات الدوريات وأسماء المناطق التي تسير بها الدورية , يعني أن المجرم قد عرف متى تخلو الشوارع من دوريات الشرطة لتنفيذ عمله الإجرامي, من هنا يكون للسرية أهمية خاصة في عمل رجال الأمن  , كما أن ردم الهوة بين الحكومة وحراس الوطن أهم ما يجب العمل به لتحقيق النجاح في إرساء الأمن  وذلك من خلال اللقاءات والتوجيهات المباشرة والمستمرة لربطهم ورفع معنوياتهم إلى الحد الأقصى وهم يحملون أرواحهم على أكفهم في سبيل الأمن والاستقرار بالبلد .
2- حماية مكثفة فوق العادة  للممتلكات العامة والمؤسسات التي تعتبر دعامة  الاقتصاد العراقي كمصافي النفط ومراكز توزيعه المنتشرة بكل أنحاء العراق وحماية المؤسسات الحكومية ومراكز تصنيع وتوزيع  الطاقة الكهربائية التي لابد من بناءها وتجديدها وحمايتها من أجل استمرار الحياة بشكل طبيعي وبالتالي إعطاء المواطن صورة مشرقة عن دور الحكومة في عودة الحياة الطبيعية للعراق وبالتالي إسعاد المواطن وتخفيف الأعباء عنه , ويتطلب هذا أيضا توجيه الأحزاب والتركيز في برامجها على هذه المسؤولية الوطنية الكبرى كذلك يتطلب تكوين لجان ترتبط مباشرة بالحكومة وتنتشر على مختلف المراكز الاقتصادية والصناعية الهامة والتي تسير خدمات البلد وتدعم اقتصاده.
3-تكوين لجان رقابة من القضاة والحقوقيين والشخصيات الموثوق بها وربطها مباشرة بالحكومة للعمل على محاربة  الفساد الإداري والمالي الذي يخرب اقتصاد البلد ويساهم بأحداث الفوضى ونشر اليأس وزيادة الجريمة,  ومحاولة تحقيق تكافؤ الفرص بالعمل ومحاربة البطالة  , إضافة إلى دور هذه اللجان بإحصاء العاطلين عن العمل وتحديد إمكانيات عملهم للبحث عن مكان مناسب لكل عاطل فالعمل يساهم بنسبة كبيرة على حل المشاكل والفوضى والتذمر والرغبة بالهروب والتخريب , لان الشعور الوطني يتدنى حينما يكون المواطن  مرهقا ومحتارا وغير سعيد .
4- توعية الجماهير العراقية بضرورة التكاتف لمحاربة أعداء الوطن ونشر الفكر الوطني الحقيقي الذي يرتبط باسم العراق دون حزب معين أو جهة أو دين أو قومية أو طائفة , ونشر الثقة بين الشرطة والمواطنين  ليجري التعاون فيما بينهم لحماية الوطن وليكن الشرطي صديق الأطفال والنساء والضعفاء .
كما أننا نحتاج اليوم لنشر الوعي المتحضر الذي يحصن الفرد العراقي من الوقوع بأوهام السلفيين والإرهابيين وتسليط الأضواء على دور المرأة للنهوض بالمجتمع بشكل فعلي ومساهمة اكبر شرائح المجتمع ببناء الوطن وذلك من خلال الاستفادة من وسائل الإعلام وتثقيف رجال الشرطة بحماية المرأة من التجاوزات عليها  بالشارع والأماكن العامة مما يشجعها للخروج إلى العمل والنهوض بأعباء قد تقصم ظهر الرجل إن استترت المرأة بالمنزل , إضافة إلى أن ذلك يساهم ببناء روح حضارية مبنية على التكاتف والتعاضد الاجتماعي الذي يحتاجه شعب العراق بعد كل الألم والجروح التي شهدها.

15-6-‏2004‏‏-‏
لاهاي