نافذة

سيميائية العتبات النصية في رواية الأوان Print
شكرا جزيلا للدكتور الاستاذ  مصطفى لطيف عارف الذي كتب سلسلة عتبات عن روايتي  (الأوان)أنشر هنا العتبة الأولى التي تناول بها العنوان والغلاف والاهداء باسلوب نقدي متميز وبارع.
ونشر المقال في الثقافية لجريدة الزوراء..
سيميائية العتبات النصية في رواية (الأوان) بلقيس حميد حسن
أ.د مصطفى لطيف عارف
ناقد وقاص عراقي
أولا:- عتبة الغلاف :  إن اللوحة - بنوعيها لوحة الغلاف , واللوحة الداخلية- هي الإيقونة الأبرز في أولى العتبات , فهي علامة دالة تستقبل ضمن انساق تتفاعل فيها اللغة , واللون , والحركة  والقصد العام لهذه العلامة , أي اللوحة ,وتمثل هذه العتبة الإيقونة الأولى, والأكثر وضوحا في شريط العلامات السيميائية التي يتشكل من مجموعها , أي مجموع إيقونات هذا الشريط , معرض النص  , فاللوحة تمثيل للمكتوب ونقل له إلى صورة/ لوحة , وهذه الصورة / اللوحة هي اجتهاد مستمر لاختزال مقول النص الذي تتبناه هذه اللوحة سواء أكانت لوحة غلاف لعمل كامل , أم لوحة داخلية لنص محدد , فاللوحة الداخلية تمثل فعلا مساعد يستمد مقاصده من الفعل الرئيس - لوحة الغلاف - ويجتهد من اجل فتح مديات أوسع أمام المحفل النصي  ,وفي ضوء هذا الوصف نجد أننا أمام تقسيم بائن لهذه العتبة , يتوزع على نوعين ثابتين وقارَين للوحة في العمل الروائي هما : لوحة الغلاف , واللوحة الداخلية , وهذا التقسيم يبين أن لهذه العتبة سلطة استقصائية  للمعنى الأدبي منطلقة وراءه بدء من الغلاف , الذي تتمركز فيه لوحة الغلاف , مرورا بحيثيات المتن الأدبي الذي تقدمه – داخليا – اللوحة الداخلية , وصولا إلى المعنى الدال والمراد منها – أي من اللوحة- تمثيله ونقله مبصورا إلى المتلقي  , وعتبة لوحة الغلاف هي الشكل الخارجي الأكبر لهذه العتبة / اللوحة , إذ تبين – داخل متنها – أشكالا صغرى لتكون بذلك شبكة سيميائية تستطيع الإحاطة - تمثيلا- بالمنجز الذي تغلفه ,ففي رواية        ( الأوان ) للروائية بلقيس حميد حسن والتي كانت لوحة غلافها من رسمها , تتشكل من ثلاثة ألوان متسلطة وحاكمة على المرئي من هذه اللوحة وهي :الأخضر , والأحمر ,والأزرق ,الأخضر : لقد تمكن من تغطية ثلث مساحة اللوحة تقريبا , والمعروف أن هذا اللون رمز للخصب , أي انه دليل الطاقة والقوة والحيوية , وفي هذا تجهيز وذخيرة لتنفيذ التنبيه الذي انذر به العنوان , وهنا تكمن حساسية التوصيف اللوني ,فالأخضر أدى دوره كدليل للخصوبة من جهة , ومن جهة ثانية أعلن ضمنيا بالتجاور مع الألوان الأخرى أن خصوبته ستكون ذخيرة لغضب رأس الخصوبة الورد, أن أحوج الأمر لذلك , وهنا أعطت بلقيس حميد  دلالة واضحة على خصوبة الحياة ,واللون الأحمر  قد توزع على مكانين من اللوحة في الأسفل  مع اللوحة المرسومة من قبل الفنان كمال خريش , وفي الأعلى لكي يشارك في النقل / الأخذ إلى حدود عنوان الرواية  , ففي المكان الأسفل الذي يعلو الشريط الأسود في أرضية اللوحة نرى الأصفر حاضرا بكامل قواه اللونية ليتواصل بذلك مع دلالة الخواء والتوقف عن الحياة التي قدمها هذا الشريط الأسود وبذلك يكون الأصفر علامة للبؤس التي حرضت واضطرت  إلى انتهاك حقوق المرأة المستلبة 0 والأزرق الممثل لعنوان اللوحة , ليشير بتماهيه هذا أن له معنى أخر وهذا ما نلحظه في وصوله للمكان الأعلى الذي جاء على شكل كلمة كبيرة في أعلى الرواية  , وقد خط اسم الروائية بلقيس حميد حسن  باللون الأسود ليؤكد أن هذا الاسم ينتمي إلى الشريط الأسود في أرضية اللوحة , لذا كتب الاسم بالأعلى في حدود اللوحة ضمن الشكل الأصفر ليكون تعبيرا تشكيليا لما أراده العنوان , أي انه اخذ هذا الاسم إلى حدود الشمس في ارتفاعها   ,و تشتمل على علامات سيميائية متعددة تفضي إلى دلالات خارجية تكشف عنها بنيتها السطحية التي تحيل على البنيات العميقة التي تتمثل بالعالم الدلالي 0
ثانيا عتبة العنوان :- العنوان هو العتبة المقدسة نصيا , فبه يتكثف المتن ومنه يأخذ هذا المتن شحنته التي تبقيه صالحا- وباستمرار- للقراءة بكل أشكالها المواجهة والفاحصة والمنتجة انه النص وعن طريق ضبطه نتمكن من إيصال طرود الانطباع والتأويل بسلامة تلق فاعل , على اعتبار أن العنوان هو الموجه الأساس الذي تسترشد به القراءة عن أخبار النص الأدبي والغاية التي يريدها  , فهو أداة توجيه مهمة جدا بين الاداوات الأخرى انه تسمية النص , وجنسه وانتماؤه , يعد العنوان أول المعايير التي يقاس في ضوئها - نصيا- مدى الاهتمام بالقارئ , ومدى الاشتغال على إغوائه عن طريق هذه العارضة الاشهارية - العنوان- أي الاهتمام بالقارئ المقصود , المخصوص بالخطاب , الذي - كما يرى وولف- يمثل فكرة النص المركزية التي تشكلت في ذهن الكاتب  , فالاهتمام بالقارئ يعني الاهتمام بالنص نفسه , لان القارئ هو المتكفل بإعادة أنتاج النص وتشكيله على الدوام , فقد أصبح القارئ مشاركا ومتابعا ومفسرا لكل شفرات النص ودلالاته وفك شفراته انه مبدع ثان للنص  0إن نظام العنوان يعمل وفق قوننة غاية في الحساسية , إذ يتبلور النص بموجبه , فإذا كان العنوان طويلا ساعد على توقع المضمون الذي يتلوه,أما إذا كان قصيرا فعندها لابد من قرائن تساعد على التنبؤ بالمضمون  ,ومن الممكن أن يكون دالا صوتيا كان الرواية  تكون (الأوان ) , أو أن يكون علامة محددة  بنوعها مروية مثلا , أو علامة استفهام , أو على شكل نقاط وعند ذلك يبدأ العنوان عمله بوصفه حسب امبرتو ايكو - مفتاحا تأويليا  , أو مفتاحا لمدخل الرواية,فهو يختصر الكل , ويعطي اللمحة الدالة على النص المغلق , فيصبح نصا مفتوحا على كل التأويلات  , وهنا في رواية (الأوان)  , وعلى وجه خاص فان  العنونة من كونها تشغل منطقة إستراتيجية في عملية التلقي, هي المنطقة الأولى بصريا ودلاليا , تلك المنطقة التي يحدث فيها التصادم الأول بين القارئ ,والعمل الأدبي,وفي ضوء ذلك امتلكت هذه العناصر وظيفة خطرة هي قيادة القارئ إلى جغرافية العمل الأدبي ومنحه مفاتيح استكشافه وإضاءة مجاهله,ولاسيما أن رولان بارت قد وسع مفهوم السيمياء , فلم يعد محددا-كما يرى دي سوسير- بالعلامة اللسانية ,بل بكل ما هو لفظي,أي محاولة تطبيق اللغة على الأنساق , وقد مثلت الهندسة العنوانية عند بلقيس حميد  جملة من الوظائف التي تعد وظائف ترويجية للمحتوى الروائي , ففي العنونة ( أوان) التي تدل على معنيين الأول هذا هو الأوان , والثاني وصل بعد فوات الأوان والمعنى الثاني اقرب إلى  الروائية بلقيس لأنها وصلت إلى العراق بعد فوات الأوان برحيل والدتها , ونجد الربط بين العنوان والمتن يتحقق في إهدائها الرواية إلى الموجهة للمتلقي , وبعنوانها الداخلي( إلى نعيمة البحراني)- توجيها خاصا , وبذلك يمكن أولا أن نربط العنونة الرئيسة / الخارجية , مع العنونة الفرعية/ الداخلية , ومن الميثاق التواصلي الذي يعقد في ضوء الارتباط المتين بين العنوان الرئيس, والعنوان الفرعي يتحقق العنوان في الرواية الحزينة 0
ثالثا عتبة الإهداء :- إن التحديد الأوسع لعتبة الإهداء أنها تقدير من الكاتب للأخر وهذا التقدير ينطوي على اعتبارات كثيرة منها ما هو واقعي / عاطفي ( للام / للأب/ للولد ) وهذا الإهداء يفيدنا في تكهن ما عليه النص من تمجيد واعتزاز , أو رثاء للأب أو إلام أو الولد أو رثاء لأحدهم وما إلى ذلك , ومنها ما هو توصيفي / فني يستهدف القارئ بشكل أكثر تعقيدا ويقدم له أدوات تساعده في مشغله القرائي في استكشاف النص واستبيان إبعاده  , والإهداء المخصوص الذي يعين مهدى إليه ويختص به دون أن ينفتح من خلاله على الآخر , وهذا الإهداء موجود بصنعة ودراية في رواية ( الأوان ) للروائية بلقيس حميد فنراها تقول :إلى روح أمي نعيمة احمد البحراني, مدرستي الأولى , الموسوعة التي حفظت منها الكثير من الإشعار , الحكم , الحكايا , وإحداث التاريخ , بوقفاته المحزنة أو المفرحة التي جادت بها ذاكرتها علي 000 و إلى كل الأمهات الحزينات في زمن التيه هذا  , وهو بهذه الرواية إهداء مخصوص بأمها ,وكل الأمهات الحزينات وهذا ما يدل على الأولوية التي تحتلها المهدى إليها 0
رابعا التصدير :- وهي أن تصدر الروائية بلقيس حميد   مقولة   لغيرها في روايتها   والتصدير الغيري  يكون بمثابة عملية توليف , ذلك لأنه قائم  على استيراد مقولة غيرية لــ(جان جاك روسو وأخرى لنجيب محفوظ )  , يصدر بها نتاج ذاتي , أي انه حملة دعائية للمصدر , ولابد لهذه الحملة , لكي تحقق انتشارها ووصولها من أن تراعي سلامة انتقاء المقولة التصديرية للنص المراد , والمراعاة تتم في فحص الرابط بين مقولة التصدير ,والمتن الذي تتقدمه , لتبيان فاعلية هذا التصدير وقيمته الجمالية في رسم المسار البياني للكتابة التي يتبناها هذا التصدير  , وبلقيس حميد تكثف من استخدام هذا التصدير في روايتها ( الأوان) جاءت التصديرات الغيرية في بداية الرواية لكي تتمكن بموقعها هذا من التعريف بالنص الروائي في الرواية كلها من جهة , ومن ضبط حركة هذا الأداء ورسمها في ضوء محتوى هذه التصديرات من جهة أخرى ونحن نتفق مع رأي الدكتور حمد الدوخي فيما ذهب إليه0
عن رواية الأوان هنا مقال منشور في الثقافية لجريدة الزوراء..
سيميائية العتبات النصية في رواية (الأوان) بلقيس حميد حسن
أ.د مصطفى لطيف عارف
ناقد وقاص عراقي
أولا:- عتبة الغلاف :  إن اللوحة - بنوعيها لوحة الغلاف , واللوحة الداخلية- هي الإيقونة الأبرز في أولى العتبات , فهي علامة دالة تستقبل ضمن انساق تتفاعل فيها اللغة , واللون , والحركة  والقصد العام لهذه العلامة , أي اللوحة ,وتمثل هذه العتبة الإيقونة الأولى, والأكثر وضوحا في شريط العلامات السيميائية التي يتشكل من مجموعها , أي مجموع إيقونات هذا الشريط , معرض النص  , فاللوحة تمثيل للمكتوب ونقل له إلى صورة/ لوحة , وهذه الصورة / اللوحة هي اجتهاد مستمر لاختزال مقول النص الذي تتبناه هذه اللوحة سواء أكانت لوحة غلاف لعمل كامل , أم لوحة داخلية لنص محدد , فاللوحة الداخلية تمثل فعلا مساعد يستمد مقاصده من الفعل الرئيس - لوحة الغلاف - ويجتهد من اجل فتح مديات أوسع أمام المحفل النصي  ,وفي ضوء هذا الوصف نجد أننا أمام تقسيم بائن لهذه العتبة , يتوزع على نوعين ثابتين وقارَين للوحة في العمل الروائي هما : لوحة الغلاف , واللوحة الداخلية , وهذا التقسيم يبين أن لهذه العتبة سلطة استقصائية  للمعنى الأدبي منطلقة وراءه بدء من الغلاف , الذي تتمركز فيه لوحة الغلاف , مرورا بحيثيات المتن الأدبي الذي تقدمه – داخليا – اللوحة الداخلية , وصولا إلى المعنى الدال والمراد منها – أي من اللوحة- تمثيله ونقله مبصورا إلى المتلقي  , وعتبة لوحة الغلاف هي الشكل الخارجي الأكبر لهذه العتبة / اللوحة , إذ تبين – داخل متنها – أشكالا صغرى لتكون بذلك شبكة سيميائية تستطيع الإحاطة - تمثيلا- بالمنجز الذي تغلفه ,ففي رواية        ( الأوان ) للروائية بلقيس حميد حسن والتي كانت لوحة غلافها من رسمها , تتشكل من ثلاثة ألوان متسلطة وحاكمة على المرئي من هذه اللوحة وهي :الأخضر , والأحمر ,والأزرق ,الأخضر : لقد تمكن من تغطية ثلث مساحة اللوحة تقريبا , والمعروف أن هذا اللون رمز للخصب , أي انه دليل الطاقة والقوة والحيوية , وفي هذا تجهيز وذخيرة لتنفيذ التنبيه الذي انذر به العنوان , وهنا تكمن حساسية التوصيف اللوني ,فالأخضر أدى دوره كدليل للخصوبة من جهة , ومن جهة ثانية أعلن ضمنيا بالتجاور مع الألوان الأخرى أن خصوبته ستكون ذخيرة لغضب رأس الخصوبة الورد, أن أحوج الأمر لذلك , وهنا أعطت بلقيس حميد  دلالة واضحة على خصوبة الحياة ,واللون الأحمر  قد توزع على مكانين من اللوحة في الأسفل  مع اللوحة المرسومة من قبل الفنان كمال خريش , وفي الأعلى لكي يشارك في النقل / الأخذ إلى حدود عنوان الرواية  , ففي المكان الأسفل الذي يعلو الشريط الأسود في أرضية اللوحة نرى الأصفر حاضرا بكامل قواه اللونية ليتواصل بذلك مع دلالة الخواء والتوقف عن الحياة التي قدمها هذا الشريط الأسود وبذلك يكون الأصفر علامة للبؤس التي حرضت واضطرت  إلى انتهاك حقوق المرأة المستلبة 0 والأزرق الممثل لعنوان اللوحة , ليشير بتماهيه هذا أن له معنى أخر وهذا ما نلحظه في وصوله للمكان الأعلى الذي جاء على شكل كلمة كبيرة في أعلى الرواية  , وقد خط اسم الروائية بلقيس حميد حسن  باللون الأسود ليؤكد أن هذا الاسم ينتمي إلى الشريط الأسود في أرضية اللوحة , لذا كتب الاسم بالأعلى في حدود اللوحة ضمن الشكل الأصفر ليكون تعبيرا تشكيليا لما أراده العنوان , أي انه اخذ هذا الاسم إلى حدود الشمس في ارتفاعها   ,و تشتمل على علامات سيميائية متعددة تفضي إلى دلالات خارجية تكشف عنها بنيتها السطحية التي تحيل على البنيات العميقة التي تتمثل بالعالم الدلالي 0
ثانيا عتبة العنوان :- العنوان هو العتبة المقدسة نصيا , فبه يتكثف المتن ومنه يأخذ هذا المتن شحنته التي تبقيه صالحا- وباستمرار- للقراءة بكل أشكالها المواجهة والفاحصة والمنتجة انه النص وعن طريق ضبطه نتمكن من إيصال طرود الانطباع والتأويل بسلامة تلق فاعل , على اعتبار أن العنوان هو الموجه الأساس الذي تسترشد به القراءة عن أخبار النص الأدبي والغاية التي يريدها  , فهو أداة توجيه مهمة جدا بين الاداوات الأخرى انه تسمية النص , وجنسه وانتماؤه , يعد العنوان أول المعايير التي يقاس في ضوئها - نصيا- مدى الاهتمام بالقارئ , ومدى الاشتغال على إغوائه عن طريق هذه العارضة الاشهارية - العنوان- أي الاهتمام بالقارئ المقصود , المخصوص بالخطاب , الذي - كما يرى وولف- يمثل فكرة النص المركزية التي تشكلت في ذهن الكاتب  , فالاهتمام بالقارئ يعني الاهتمام بالنص نفسه , لان القارئ هو المتكفل بإعادة أنتاج النص وتشكيله على الدوام , فقد أصبح القارئ مشاركا ومتابعا ومفسرا لكل شفرات النص ودلالاته وفك شفراته انه مبدع ثان للنص  0إن نظام العنوان يعمل وفق قوننة غاية في الحساسية , إذ يتبلور النص بموجبه , فإذا كان العنوان طويلا ساعد على توقع المضمون الذي يتلوه,أما إذا كان قصيرا فعندها لابد من قرائن تساعد على التنبؤ بالمضمون  ,ومن الممكن أن يكون دالا صوتيا كان الرواية  تكون (الأوان ) , أو أن يكون علامة محددة  بنوعها مروية مثلا , أو علامة استفهام , أو على شكل نقاط وعند ذلك يبدأ العنوان عمله بوصفه حسب امبرتو ايكو - مفتاحا تأويليا  , أو مفتاحا لمدخل الرواية,فهو يختصر الكل , ويعطي اللمحة الدالة على النص المغلق , فيصبح نصا مفتوحا على كل التأويلات  , وهنا في رواية (الأوان)  , وعلى وجه خاص فان  العنونة من كونها تشغل منطقة إستراتيجية في عملية التلقي, هي المنطقة الأولى بصريا ودلاليا , تلك المنطقة التي يحدث فيها التصادم الأول بين القارئ ,والعمل الأدبي,وفي ضوء ذلك امتلكت هذه العناصر وظيفة خطرة هي قيادة القارئ إلى جغرافية العمل الأدبي ومنحه مفاتيح استكشافه وإضاءة مجاهله,ولاسيما أن رولان بارت قد وسع مفهوم السيمياء , فلم يعد محددا-كما يرى دي سوسير- بالعلامة اللسانية ,بل بكل ما هو لفظي,أي محاولة تطبيق اللغة على الأنساق , وقد مثلت الهندسة العنوانية عند بلقيس حميد  جملة من الوظائف التي تعد وظائف ترويجية للمحتوى الروائي , ففي العنونة ( أوان) التي تدل على معنيين الأول هذا هو الأوان , والثاني وصل بعد فوات الأوان والمعنى الثاني اقرب إلى  الروائية بلقيس لأنها وصلت إلى العراق بعد فوات الأوان برحيل والدتها , ونجد الربط بين العنوان والمتن يتحقق في إهدائها الرواية إلى الموجهة للمتلقي , وبعنوانها الداخلي( إلى نعيمة البحراني)- توجيها خاصا , وبذلك يمكن أولا أن نربط العنونة الرئيسة / الخارجية , مع العنونة الفرعية/ الداخلية , ومن الميثاق التواصلي الذي يعقد في ضوء الارتباط المتين بين العنوان الرئيس, والعنوان الفرعي يتحقق العنوان في الرواية الحزينة 0
ثالثا عتبة الإهداء :- إن التحديد الأوسع لعتبة الإهداء أنها تقدير من الكاتب للأخر وهذا التقدير ينطوي على اعتبارات كثيرة منها ما هو واقعي / عاطفي ( للام / للأب/ للولد ) وهذا الإهداء يفيدنا في تكهن ما عليه النص من تمجيد واعتزاز , أو رثاء للأب أو إلام أو الولد أو رثاء لأحدهم وما إلى ذلك , ومنها ما هو توصيفي / فني يستهدف القارئ بشكل أكثر تعقيدا ويقدم له أدوات تساعده في مشغله القرائي في استكشاف النص واستبيان إبعاده  , والإهداء المخصوص الذي يعين مهدى إليه ويختص به دون أن ينفتح من خلاله على الآخر , وهذا الإهداء موجود بصنعة ودراية في رواية ( الأوان ) للروائية بلقيس حميد فنراها تقول :إلى روح أمي نعيمة احمد البحراني, مدرستي الأولى , الموسوعة التي حفظت منها الكثير من الإشعار , الحكم , الحكايا , وإحداث التاريخ , بوقفاته المحزنة أو المفرحة التي جادت بها ذاكرتها علي 000 و إلى كل الأمهات الحزينات في زمن التيه هذا  , وهو بهذه الرواية إهداء مخصوص بأمها ,وكل الأمهات الحزينات وهذا ما يدل على الأولوية التي تحتلها المهدى إليها 0
رابعا التصدير :- وهي أن تصدر الروائية بلقيس حميد   مقولة   لغيرها في روايتها   والتصدير الغيري  يكون بمثابة عملية توليف , ذلك لأنه قائم  على استيراد مقولة غيرية لــ(جان جاك روسو وأخرى لنجيب محفوظ )  , يصدر بها نتاج ذاتي , أي انه حملة دعائية للمصدر , ولابد لهذه الحملة , لكي تحقق انتشارها ووصولها من أن تراعي سلامة انتقاء المقولة التصديرية للنص المراد , والمراعاة تتم في فحص الرابط بين مقولة التصدير ,والمتن الذي تتقدمه , لتبيان فاعلية هذا التصدير وقيمته الجمالية في رسم المسار البياني للكتابة التي يتبناها هذا التصدير  , وبلقيس حميد تكثف من استخدام هذا التصدير في روايتها ( الأوان) جاءت التصديرات الغيرية في بداية الرواية لكي تتمكن بموقعها هذا من التعريف بالنص الروائي في الرواية كلها من جهة , ومن ضبط حركة هذا الأداء ورسمها في ضوء محتوى هذه التصديرات من جهة أخرى ونحن نتفق مع رأي الدكتور حمد الدوخي فيما ذهب إليه0