نافذة

يبنون.. ولكن Print

 

يبنون .. ولكن


بلقيس حميد حسن

13-11-2017

في الطريق الى مركز مدينة لاهاي ، كلما اتوقف عند إشارة مرور أرى شاشة إعلان مضيئة، الإعلانات والشاشات تزداد ونحن كما نحن بنفس درجات اليأس والأمل التي تعترينا.
أسير ، أقف عند الإشارة انتظر الأخضر ، الإعلان أمامي مبهرٌ بعرضه، غرفة نوم أنيقة ، غرفة جلوس ولا أحلى ، غرفة مطبخ كالأحلام، غرفة نوم أخرى بكل رومانسيات التأريخ البشري. الإبهار مستمر لكن في رأسي تلحّ اليوم صورة طفل عراقي ينتظر أن يجد في القمامة ضالته.
فأبعد نظري عن الإعلان ماسحة دمعتي بإصبع جاف أحرقني
يتغير الإعلان بصورة أطفال سعداء يأكلون وجبة جاهزة ، تتنحى صورة أطفال العراق في رأسي تارة وتحضر تارة أخرى . يأتي اللون الأخضر فأعبر الشارع سائرة نحو البيت ولا أريد الوصول لوحدتي .
كل الهموم تدق في رأسي ، يداهمني إعلان آخر وصورة فتاة سوداء تسوي شعرها بشامبو جديد، لايحتمل قلبي واتذكر أمي (والطين خاوة )الذي يلمّع شعورنا ، أسير مفعمة بالذكرى كارهة المدنية واشتراطاتها، ألمس شعري الناعم فأشعر بالانتصار على الإعلان رغم بعد سنوات الوطن وتحول الحنين الى وجع.
اخرج بنتيجة فأكرر في سري:
نعم إنهم حقا من البنائين
لكنهم يبنون لعالمهم فقط ويبهرون الفقراء ليستعبدونهم
من منّا يملك روبوتا يخدمه؟
ورغم هذا يحبون استعباد الأخرين واستعمارهم ولو على بعد
من منا يرفض الصحة والعيش الهانيء؟
ولكنه لايرضى بأن يُحرك كالروبوتات في بيوت الأثرياء
أين سيصلون بنا نحن الفقراء؟