نافذة

حوار على جدار الأرق Print
حوار على جدار الأرق

بلقيس حميد حسن

البارحة وجدت روحي معتقلة, الزنزانة من زمن سحيق, قبل أن أنتبه لما حولي, سمعت رنين أقفال وباب يفتح, صوت آمر يقول هاتها, جرتني كف عسكري مدجج بالسلاح, سيفه ودرعه أعلنا عن زمن آخر.
قلت: أين أنا؟
قال: في زمن ليس بزمانكم. قادني الى صالة فيها ملك, ربما كان سلطانا, او خليفة اوأميرا
لا أدري, لكن جلالته تهيب المكان, يتسمر الرجال حوله كالتماثيل, دفعني العسكري صوب العرش, وقفت أمامه, رأيت بريق تاجه, سألت من انت؟ ابتسم بهيبة قائلا:
اختاري من شئت ِ منا, انا قابوس بن هند قاتل طرفة, وقد اكون كافور الاخشيدي, وانت تعرفين قصته مع المتنبي, انا سيف الدولة الحمداني, انا المأمون , وانا كل هؤلاء, تقدمي قالها بأمر, اقتربتُ من العرش اكثر, ضحك ساخراً, وقال :
لا ليس بقدميك, بل تقدمي بالزمن وسمني من شئت. قد اكون احد ملوك القرن العشرين, لكن , جميعنا لابد وان يحاسبك
قلت: و ما هو اثمي؟
قال: اخترقت الزمن
قلت: كيف؟
قال: تعشقين عشق زماننا, تتجاوزين زمانكم دوما..تهوين الأرق.. تسرقين رومانسية زماننا, تزهدين ونحن قتلنا الزهاد, اتهمناهم بالزندقة, والتهمة جاهزة لك
قلت: وهل هذا اثم؟
قال: نعم وتحاكمين عليه باعتقال روحك
قلت: وجسدي
قال: وجسدك آثم ايضا
قلت: وما اثمه هو الاخر؟
قال: تتشبهين بخصر ملكاتنا, تتعلمين رقص جوارينا, تقلدين حتى شعورهن وتتعطرين, كما أن حراس الزمن رأوك, تناجين القمر وتتأوهين, رأوك متلبسة بالحب, تتساقين والنجوم شعرا.
قلت: وما انتم فاعلون بروحي
قال: نعذبها بالعشق كي ترعوي
قلت: بأكثر مما تتعذب
قال نعم حتى تطلبي اللجوء
قلت: وجسدي لـِمَ لا تعتقلوه معها
قال: ستموتين, انه من زمانكم والروح منا.
تحسست جسدي.. اجتاحتني قوة غريبة, اصخيت السمع لداخلي, وإذ برنين سلاسل تتكسر واحدة بعد اخرى بقلب روحي ...
25-1-2012