نافذة

في العراق فقط, سلطوي معارض ب Print
بلقيس حميد حسن

تعودنا على مدى التاريخ بأن  كل من لديه اعتراض على سلطة ما, وهو مسؤول فيها, لابد وأن يستقيل منها حينما يرى أن هناك من يحتج أو ينتفض أو يثور ضدها لينضم الى هؤلاء المحتجين أو المنتفضين أو الثوار دعما لهم ولقضيتهم ان كان صادقا حقا, وهذا التصرف هو المنطقي والمعقول والمطلوب في ظروف الانتفاضات والاحتجاجات والثورات, وقد لمسنا ذلك في الانتفاضات والثورات التي حصلت وتحصل في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا, فالصادقين في معارضتهم لابد وان يقفوا مع الثوار ضد السلطة, ويستقيلوا تعبيرا عن ايمانهم بهذه المعارضة, ورفضهم لسلطة لا تلبي أبسط المطالب الشعبية, ودعما للمعارضين, وتشجيعا للثورة أملا بنجاحها واسقاط السلطة.

فالأمر الطبيعي هو أن من يدعم مطالب الثوار أو المتظاهرين لابد وأن يكون بصفهم, وان يبرهن على انه منهم وذلك باستقالته من سلطة يثورون عليها, وليشعر الثوار أن  هناك شخصيات سياسية هامة تشاركهم الرأي والغضب والثورة على الظلم.
لكن ما يحصل في العراق أمر غريب عجيب, مثل كل الأشياء الغريبة التي تحدث في العراق فقط.
نجد هذه الأيام مسؤولين ومستشارين لرئيس الجمهورية, يدعون معارضة النظام, رغم ان لهم اليد الطولى بالسلطة بدليل انهم يستطيعون تعيين هذا المسؤول او ذاك, وهم من الذين يتسلمون رواتبهم الكبيرة من السلطة العراقية الفاسدة كما يصفونها هم المساهمون فيها والساكنون بمناطقها المحصنة والمالكون لمرافقين وتابعين ومريدين, وبذات الوقت يحرضون على التظاهرات, مثلهم مثل الشباب العاطل عن العمل والمقهور بالتهميش وهضم الحقوق وسوء الخدمات الحياتية.
ماذا نسمي هذا؟
ترى هل هو أعلى مراحل الانتهازية؟
حيث يضمن السياسي مكانته في الحكومة المقبلة بعد ان تأكد ان الشعب مصمم وراغب بالتغيير مهما كان الثمن, ونجد هذا المسؤول ضعيف أمام مغريات الراتب الشهري الكبير, وأمام السلطة التي تؤهله بتعيين من يشاء من الناس بسبب قربه من أصحاب القرار بحكم منصبه, وهو طامع بأن تبقى صورته وكلماته متداولة في الاعلام وشاشات الفضائيات التي يملأونها كذبا؟
اتمنى أن أعرف من ابناء شعبي العراقي ومن المحتجين والمتظاهرين أولا  تفسيرا لموقف هؤلاء الذين يبقون في مراكزهم السياسية ويدعون انضمامهم للمنتفضين من الشباب الذين لا يملكون مايجعلهم صامتين بلا احتجاج او ثورة, وياترى هل يستوي هؤلاء المحتجون الفقراء والمهمشون مع امثالهم من السياسيين الضامنين البقاء في الحكومة المقبلة بحجة التحريض على الاحتجاج؟
وهل سيسمونهم مستقبلا بالثوار وقادة التغيير؟ مثلهم مثل الشبـّان المساكين الذين طفح بهم الكيل؟
خلط ما بعده خلط, وزيف مابعده زيف, وطلم مابعده ظلم, وقدرة وقحة على التلاعب بمقدرات شعب محروم فقد أبسط حقوق البشر, ورغبة في سرقة الفضيلة التي يملكها المحتجون,  فضيلة لايملكها سواهم, وهي كون الشباب المتظاهر في شوارع بغداد قد يواجه الموت في اي وقت, وهو الذي لا يملك ما يخشاه, حتى ضاقت به الدنيا فانتفض. ثم يأتي هؤلاء السياسيون المرفهون ليختطفوا راية المظاهرة ويسيروا في الصفوف الأمامية, كي تتصدر صورهم واجهات الصحف والمنشورات.
فيا أيها الشباب العراقي المحتج, الثائر:
اطلبوا من السياسيين تحديد موقفهم بوضوح, فهم أما معكم ويستقيلوا من الحكومة الفاشلة, وأما ضدكم مع الفاسدين والدائرين بفلكهم والمنتفعين منهم.
10-9-2011