نافذة

ثورة اليمن العملاقة Print

بلقيس حميد حسن

عرفتهُ يمنياً, في تلفته خوفٌ,  وعيـــــناهُ تــــــــــــأريخٌ من الرمد ِ
ضميتهُ ملء صدري إنهُ وطني, يبقى اشتياقي وذوبي الآن يا كبدي
رأيتُ فيكَ بلادي كلها اجتمعت, كيف ألتقى التسعة المليون في جسدِ ؟

الشاعر اليمني الخالد عبد الله البردوني...

احببت أن ابتديء مقالتي هذه بأبيات اعجبتني ايما اعجاب وحفظتها مثل جميل الشعر الذي اعتز فيه بعقلي وروحي. الأبيات من قصيدة للمبدع الكبير البردوني, كتبها حينما التقى احد ابناء وطنه اليمن في الخارج, فما كان منه الا ان سالت روحه الرقيقة حنينا لوطنه, فشم رائحة بلاده في احد ابنائها, فصور المعاناة الروحية  مثل الة تصوير للقلب, فبرغم ان الشاعر ضرير نجده وقد رأى كل شيء رؤية عين البصير, رأى وأحس بحنين الروح فوصف لفتات الخوف التي ميزت ابن اليمن, رأى ذلك التاريخ من الرمد والفقر والتهميش والمرض.
هذا هو حب الوطن, وهذه هي الوطنية التي تجعل المرء يضم ابن وطنه الى روحه ويشعر انه يضم كل فرد بذاك الوطن, يضم كل الملايين التي تكون الشعب الذي احبه, على البعد يراهم جميعا, يشتاقهم ويدّفيء بذكراهم روحه الباردة في ثلج الغربة ومرارتها.
قد يقول القاريء ماذا تقولين وأين العنوان , وماعلاقة الشاعر البردوني بثورة اليمن, واقول:
انه نموذج لليمني العاشق لوطنه, انه نموذج للروح المسالمة الطيبة التي تستوعب حب جميع ابناء الشعب بملايينه. وهكذا شعب فيه من يشعر بكل الملايين لهو شعب قادر على النصر حتما, وهو شعب لابد وان يعيش, وهو شعب جدير بثورته العملاقة التي طالت وامتد غضبها على طول وكبر شوارع اليمن الصارخة ليل نهار, ثورة عملاقة لاتهدأ رغم عشرات الشهداء, ورغم عناد مغتصبي حقوق هذا الشعب الذي افتقر لعشرات السنين حتى لم يعد اليمن سعيدا, رغم كل هذا يطلع علينا المتظاهرون بكل شموخهم وابائهم وايمانهم بالمستقبل ليصرخوا بكل فئاتهم صغارا وكبارا , نساءً ورجالا :
كلما زدنا شهيد , كلما ازدادت ثورتنا
وكل يوم عندما ارى على الشاشة الصغيرة ذلك اليافع الشجاع المصاب في انفه  يكرر هذا القول, احسه ابني وقد اصيب امام عيني ولازال يصر على المضي بالثورة مع رفاقه وذويه, كل يوم اراه على الفضائية, ابكي حبا لشعب اليمن الوحيد في خضم هذا العالم المتصارع, ابكي  رغبة بالوقوف مع شعب لا ذنب له سوى انه اراد الحياة الكريمة.
شعب يثور لثلاثة اشهر فيملأ الدنيا احتجاجا على ظالميه, لهو احق بالحياة من دكتاتور يقهقه فرحا باموال الشعب المسروقة.
شعب يعطى الشهداء تلو الشهداء ويتقدم صفوف طالبي الحرية, لهو شعب يرفع الرؤوس في عالم مليء بالدجالين والانتهازيين وكذابي السياسة.
انه شعب كان يتلفت خائفا بعينين مريضتين, لكنه اليوم يرتدى تاج البطولة وغار التضحيات, يرفع صوته مدويا, نعم للحرية, المحاكمة للطغاة والمتسترين على جرائمهم.
سيكون اليمن سعيدا, وسيتلفت اليمني الى مستقبله بفرح وطمأنينة وبدون خوف, بعينين براقتين ترنوان الى الافق نظرة الثقة بالحق والأمل بالمستقبل..
انه  شعب يثير الاعجاب ويدعو للاجلال يوما بعد اخر, وهاهو بنسائه واطفاله, شيبه وشبابه, يصرّ على تنحي الطاغية ويصر على محاكمة مغتصبي حقوق الشعب.
نعم ايها الشعب البطل, لترفع صوتك برفض كل محاولات اخراج الطاغية وسارق الشعب بدون محاكمة, فالثورة لا تنجح الا برد الحقوق, كما انها حقوق عامة لايحق لأحد اسقاطها مهما كان, فلا تفاوض على دماء الشهداء وتضحياتهم ولا لمبادرة لا تتضمن احقاق الحق الذي كان أهم اسباب الثورة, والنصر لثورة اليمن العملاقة..
21-4-2011