نافذة

عسل الشعوب العربية المرّ Print

بلقيس حميد حسن
منذ ان بدأ القذافي يكشر عن انيابه ويضرب المدنيين, ومنذ ان صرخنا مع الشعب الليبي من اجل انقاذه من قبضة الدكتاتور الذي يضرب بكل آلة الموت التي يمتلكها من اصدقائه الذين يسلحونه بأسلحة سداسية النجمة, منذ ذلك اليوم كانت اليد على القلب خوفا على ليبيا ووحدتها ومستقبل شعبها, وحين استجابت دول الغرب لانقاذ المدنيين, فرحنا فرحاً مرا ً, حيث لا عسل للشعب الأعزل سوى العسل المرّ.
كان شعب ليبيا مثل بريء مكتوف الأيدي يوضع في صندوق مغلق مليء بالأفاعي القاتلة, ليس أمامه سوى الموت, وليس أمامه سوى صيحة يطلقها مناشداً بها الضمير العالمي المتمثل بالمنظمات الدولية لتتدخل.
الجميع يعلم مامعنى أن يتدخل الغرب ليضرب البلد جواً, وماستخلفه هذه الضربات من دمار لا يتمناه الشعب الليبي الذي لم يترك له القذافي خياراً اخراً كبديل عن الموت المحدق به, فالشعب الليبي في حالة الدفاع عن النفس, وهي حالة مقدسة في كل الشرائع الدينية والوضعية, اذ النفس أغلى ما يملك الانسان أمام خطر لا رادع له, فالقذافي كصديقه المقبور صدام يقول لمرتزقته وأزلامه: اقتلوا, واسلبوا, وفجرّوا, واغتصبوا, بل واستبيحوا كل شيء مادام الثوار استنجدوا بالعالم وصرخوا من ألم الذبح.

وكم خشيت على وحدة ليبيا حينما انسحبت قاذفات الولايات المتحدة الى الخلف,خشيت من فكرة التقسيم, لولا تصريحات كلنتون واوباما والفرنسيين التي اكدت على ضرورة رحيل القذافي جعلني أبعد عني  فكرة التقسيم التي ارعبتني, فالتجارب علمتنا بان الدول الغربية لا تتدخل حباً بأبناء الشعوب المضطهدة, ولا لسواد عيونها, انما لأجل أمر وغاية في قلب يعقوب, فهل انتهى الرعب حقا وأخطاء النيتو تتكرر وتقتل الثوار بدلا من حمايتهم؟
ودعونا نتسائل هنا من المذنب في كل مايحصل:
أليس الدكتاتور هو الذي دفع البلاد الى منطق الحرب هذا وحاصر شعبه بالموت ودفعهم للاستغاثة, بالتالي, فهو من خان الوطن وجلب له الدمار والموت؟
هل على الشعوب العربية أن تصمت على القهر اليومي الذي تتجرعه على أيدي حكامها, والى متى؟ وهل هي قادرة على منع الدول الغربية من الحرص على مصالحها وتحقيق الثراء الذي تحتاجه شعوبها؟
هل تستطيع الشعوب العربية العزلاء الفقيرة الخائفة والتي يرتع الجهل والأمية بين صفوف أبنائها بفضل حكامها وفسادهم وسرقتهم خيرات البلد ان تمنع اسرائيل من تمرير ما تريد, خاصة وان أرضها مُغتـَصَبة يرتبط بقاؤها بإضعاف من حولها من الدول العربية؟
فأجدني اجيب بان أول المذنبين بكل مامر بالعرب هم الدكتاتوريون الذين يفسحون طريقا سهلا لكل طامع للدخول لبلداننا كمنقذ ليحقق أهدافا لا تخدم سوى بلده وشعبه على حساب العرب طبعا.
الدكتاتوريون هم الذين يوصلون العرب الى هذه الانفاق المظلمة التي لا يمكن الخروج منها بدون تدخل الغرب.
الديكتاتوريون الذين يضحون بالغالي والنفيس من اجل بقاء كراسيهم وثرواتهم على حساب الشعوب وفقرها, وحينما تثور الشعوب ثورات الخلاص منهم, يثخنونها بالجراح, ولا من مغيث إالا الغرب , وبهذا يفتح الدكتاتوريون الباب لكل طامع, ممثلين دور المدافعين عن الأوطان من دنس المستعمر ودور الشهداء امام بعض الفئات المضلـَلـَة وبسيطة الفهم من العرب.

الدكتاتوريون يفضلون ابقاء اصنامهم وصورهم المنتشرة في بلداننا لتقهرنا صارخة بنا يوميا :
نحن من يقتلكم, ويحطم أرواحكم وطموحاتكم ومستقبل أبنائكم, في أيدينا القوة والسلاح الفتاك, وفدانا الوطن بمن فيه.
من هنا يكون الخلاص من الطغاة وسالبي حرية الشعوب وخبزهم خطوة لا بد منها ولا يمكن تأجيلها  لكل الشعوب العربية ومهما كان الظرف السياسي, فالحرية هي الأهم في تحقيق كل هدف, وهي ضرورة لكل مجتمع يريد البناء والتطور, والحرية مبدأ أساسي للخلاص من كل استعباد داخلي وخارجي.
كما أن هناك معادلة كونية لا تقبل النقاش وهي ان  للظلم جولة منتهية حتما, وان في أيدي الشعوب قوة خارقة أكبر من قوة أسلحتهم الفتاكة وأكبر من جبروت ودهاء الطامعين.
8-4-2011