نافذة

مع الاحتجاجات الشعبية, ولكن Print

                        مع الاحتجاجات الشعبية, ولكن
                                                                بلقيس حميد حسن
منذ أيام تتوالى بيانات من كل انحاء العالم العربي ينشرها شباب حدد مطالبه ليؤجج انتفاضة شعبية هدفها التغيير. من المفرح أن تستفيق الشعوب العربية بعد معاناة طويلة. ولا يختلف الشعب العراقي بما يعانيه عن تلك الشعوب ان لم يكن هو أولى من سواه  بالاحتجاجات, فظروفه أقسى من ظروف الجميع, حيث يفتقد لأبسط حقوق البشر ابتداءً من الحق المقدس وهو الحياة الآمنة انتهاءً بكل الخدمات الضرورية والتي عاد العراق بفقدانها الى ماقبل القرن العشرين تخلفا وبؤسا وحرمانا. ولا أريد ان اعدد حاجات العراقيين الكثيرة, بجميع الفئات العمرية, ان كانوا من الاطفال او الشباب اوالشيوخ من الرجال والنساء.
اذن هي انتفاضة مباركة ان طالبت سلميا بحاجات الناس التي لابد منها بدون أن تسيس وتستغل لصالح حزب أو مجموعة أو كتلة أو جهة معينة. وقد نشر الدكتور كاظم حبيب رسالة مفتوحة الى شبيبة العراق لخص فيها المطالب الشعبية التي يحتاجها العراق حقا والتي لا يمكن لاي عراقي ان  يخالفها, وكم اتمنى ان تصل رسالة الدكتور كاظم حبيب الى شبيبة العراق ويتم الالتزام بماجاء فيها , فالدكتور حبيب شخصية وطنية عراقية معروفة بنزاهتها وبتاريخها المشرف, كما انه غير طامع في سلطة ولا مال, انما ينطلق من منطلق حرصه على مستقبل الشعب والوطن..
ولكن, ما يصلني الان من مطالب للشباب الثوار, لا يقتصر على المطالب الأساسية والمعاشية للشعب العراقي, انما تجاوزها الى مطالب سياسية ستؤثر على الانتفاضة وتقسم الشعب الى اقسام عديدة, وهذا اخطر مايكون على الوطن والشعب, فقد وزعت حركة الطليعة العربية وهي  حركة قومية شعارها "حرية- وحدة- اشتراكية", وزعت بيانا فيه اغلب المطالب الشعبية التي نتفق جميعنا عليها اضافة لمطالب سياسية لا تتناسب مع الثورة الشعبية وظروفها ومنها:
لا لإزدواجية الجنسية
وهنا أريد أن اناقش هؤلاء الشباب بخصوص الأربعة ملايين عراقي الذين خرجوا هربا من الموت المحتم زمن البعث والنظام السابق, وهربا من الحروب والقهر والسجون والإبادة الجماعية من أسلحة الفتك الصدامية كالغازات السامة والأسلحة الكيمياوية التي تعرض لها أهل العراق من الشمال والجنوب او الوسط , فالعراقيون وبكل مكوناتهم كانوا هدفا مباحا للقتل بأمر صدام وجلاوزته الذين اطلق أيديهم في تعذيب أبناء العراق وقتلهم.
ان كان هناك فساد في الحكومة العراقية من حاملي الجنسية المزدوجة, فهناك ايضا فساد من غير حامليها, والجنسية ليست سببا للفساد, فالفساد لاجنسية له, كما ان أغلب المثقفين وحاملي الفكر الوطني وأولى ضحايا النظام السابق هم من حاملي الجنسية المزدوجة. فهل يستبعد من الحياة السياسية كل الشرفاء الذين هم أول من رفض الظلم البعثي من المعارضة العراقية بسبب حفنة من الفاسدين والسرّاق؟ ولاننسى بأن هناك اكثر من اربعة ملايين عراقي يحملون الجنسية المزدوجة, منهم وطنيون يساريون يُشهد لهم بالنزاهة وبياض اليد وقد اعطوا تضحيات جسيمة على مدى التاريخ وفي سبيل الوطن الذي يحتاجهم اليوم أكثر من سواهم اذ ليس لهم أية مرجعية سوى العراق وليس لهم اليوم أي دعم من أية جهة, بل هم متمسكون بالوطن الذي يهمشهم ويحبونه ويموتون من أجله؟
ماذنب الملايين من العراقيين المستقلين الذين اضطرتهم ظروف العراق الدموية والاقتصادية زمن صدام للهجرة والتجنس والذين لا يملكون أية وسيلة للعيش سوى الهجرة من وطن احبوه وتحملوا ظروف الاغتراب والترحال من اجله؟
ماذنبهم ليستبعدوا من المساهمة ببناء عراق جديد طالما حلموا به يعيد حقوق الفقراء والمقهورين؟
اقول هذا ليس دفاعا عن فئة ما او حزب ما, بل دفاعا عن أبناء العراق جميعهم فظلم فئة من الناس يؤدي الى احداث خلل يجعل كل الحلول عقيمة, ولأنني أؤمن بالدفاع عن حقوق الانسان باستقلالية تامة, اذ  وجدت ان التحزب في المجتمعات العربية خطر عليها, فالتزام العقلية العربية بحزب ما كالتزامها بالقبيلة زمن البداوة, أي انها تلتزم بالحزب بتعصب وانحياز قد يرفض الحوار ويصل حد العداء, الذي يشبه القبلية كثيرا بل هو ابنها, فيصبح التحزب كالتعصب, والتعصب تخلف, والتخلف دمار ونهاية. وقد كتبت قبل أعوام مقالاً  أوضحت به خطر الأحزاب على العالم العربي, تحت عنوان" العرب, من القبلية الى وهم الأحزاب" وأجدني مضطرة اليوم بالتذكير به, لان الانتفاضة ستتفجر لا محال واتمنى ان لا تكون مسيسة لأننا بحاجة الى الوحدة الوطنية والابتعاد عن المصالح الحزبية والفئوية والطائفية الضيقة والبغيضة, ولتكن الانتفاضة نقية تمثل صرخة محرومين  يطالبون  بحقوقهم, ولا تكون في دائرة الشك باستغلالها من قبل جهات مشبوهة عن طريق المطالب السياسية الظالمة للآخر.
17-2-2011