نافذة

تقاسم السلطة, هل تتناسب مع الديمقراطية؟ Print

تقاسم السلطة, هل تتناسب مع الديمقراطية؟
                                                                   بلقيس حميد حسن
هل عبارة تقاسم السلطة تصح أن تكون مطلبا على ألسنة قادة نتوسم بهم حمل هموم شعب أنهكته الحروب والديكتاتورية والإحتلال والإرهاب الذي يعصف به من كل حدب وصوب؟
هل انطلقت هذه العبارة بشكل تلقائي من أفواه وعقول أناس أرادوا تقسيم الثور أو الغنيمة التي غنموها في الحرب, او المسروقات التي سرقوها في جريمة سطو مسلح؟
هل ان عبارة"  تقاسم السلطة" قد تم ترجمتها من اللغة الانكليزية بعد استعمالها من قبل الأمريكان مثلا؟ فالسلطة على الارض المسلوبة بعد الحروب والغزوات والأعتداءات تصبح سلعة المعتدي ليتقاسمها مع الشركاء في ذلك الاعتداء, تماما كما هو الذهب والنفط وهي مثل الخيل والسلاح الذي يغنمه قطاع الطرق.
أين هذه العبارة من مفهوم الديمقراطية والتي تعني حكم الشعب لنفسه وبأن الشعب هو الذي يختار الأفضل عن طريق صناديق الاقتراع والانتخاب النزيه؟
هل يحق لقادة العراق تداول هذه العبارة التي تنتشر كانتشار النار في الهشيم هذه الأيام؟
وهل تتناسب هذه العبارة مع مايدعونه من نزاهة ورغبة حقيقية لقيادة العراق نحو مستقبل افضل وبنائه ليكون عراقا جديدا مثلما نتمناه ونحلم به؟
هل يتناسب " تقاسم السلطة" مع ما يدعونه من التزام ديني واخلاقي بالمباديء النبيلة كالوطنية والعدالة الاجتماعية وهل تتحقق هذه المباديء بتوزيع الكراسي بين الفرقاء بغض النظر عمن يكون الأفضل والأنفع للشعب والوطن المكلوم والمقتول والذي يعيش على هامش الحياة ولا يدري متى يموت بانفجار أو كارثة من كوارث فقدان الأمن في مدن العراق؟
هل ان من يهدد بالانسحاب تارة ويتوعد ويخيف الجموع بأن يحدث فوضى مثلا في قاعة البرلمان تارة اخرى- وقد مورس هذا من قبل اغلب الكتل والاحزاب المساهمة بالعملية السياسية-  من أجل الحصول على المنصب يستحق قيادة شعب تعذب وتهمش عقوداً من السنين على يد مجرمين أرادوا سحق كل مابناه عبر آلاف السنين من القيم والأخلاق والمباديء حتى صار البقاء في العراق للأقوى وليس للأصلح؟
هل يستمر مسلسل الأقوياء ونبقى على ما أراده قادة البعث سابقا بجعل السلطة بيد مجموعة من اللاهثين وراء المال والسلطة كعلاج لسد شعورهم بالنقص الذي ترسخ في نفوسهم ليصرحوا به معتقدين انه من حقوقهم الشخصية وبكل وقاحة.
عجبا كيف كرست مجموعة أحزاب وكتل  مبدأ المطالبة بالسلطة تحت عنوان " تقاسم السلطة" المخجل والمقيت, ليصبح  مطلبا مقدسا في حين هو تكليف وتشريف المفترض به أن يصدر من الشعب للشخص المكلف به والذي يستحقه, ولطالما كان هذا التكليف على القادة الشرفاء كالجبال ثقيلا يخشونه خشيتهم من غضب السماء!
أين الحقيقة من كل هذا العراك الدائر بين القيادات, والذي يشغلهم عن موت أطفال الشهداء جياعا وعن تشرد الأرامل بؤسا, وعن سقوط شابات في الرذيلة طمعا بأبسط  حق من حقوق البشر؟
هل على الشعب العراقي إن أراد الحياة وبناء بلدهِ استبعاد جميع القادة العراقيين الذين لعبوا بمقدراته منذ سقوط صدام حتى اليوم عن الانتخابات, وعليه بانتخاب قادة شرفاء مستقلين علمانيين, بعيدين عن التفكير بالسلطة كغنيمة, وإلا سوف يستمر مسلسل الدمار والتدهور؟
وهل بقي لقادة العراق شيئ من ماء الوجه كي يخطر على بالهم بعد أن  ملّ الشعب وجوههم المزيفة على الشاشات ان يتنحوا عن السلطة بسبب فشلهم لتأتي شخصيات اخرى من المستقلين والزهـّاد بالمال, من الذين تعنيهم حياة اليتامى والفقراء والمحرومين, ينتخبهم الشعب ويحاسبهم بعيدا عن مبدأ المحاصصات والتعصبات ليبنى العراق على يد  قادة حقيقيين, تواقين للخير والمحبة من جميع مكوناته الوطنية؟
15-11-2010...www.balkishassan.com