نافذة

لاحجة للحكومة مهما كانت التبريرات Print

                 لاحجة للحكومة مهما كانت التبريرات
                                                                   بلقيس حميد حسن

تشكل الكهرباء اليوم عصب الحياة العصرية, ولايمكن ان نطلق على اي بلد في العالم تسمية بلد حديث مالم تصل الكهرباء الى كل بيت وشارع في ذلك البلد..
كنا نقرأ في الكتب الاشتراكية - التي تصل الى ايدينا سرا ونحن في سني الشباب الاولى-  ماكان ينادي به القائد الروسي فلاديمير لينين ويصر عليه كأهم وأكبر خطوة تبدأ لكل دولة تريد البناء, حيث كانت كهربة البلاد تتكرر في كتاباته كثيرا, كمطلب من أهم المطالب لبناء دولة عصرية, وهو بهذا لم يكن مخطئا ابدا, فبالكهرباء تدور الحياة بكل نبضاتها وعلى كل الاصعدة وتتوقف الحياة مع توقفها اليوم خاصة حينما تكون الطبيعة قاسية كما في العراق..
ليس للحكومة التي من واجبها تقديم الخدمات للمجتمع اي مبرر لهذا التأخير في اصلاح الكهرباء في العراق وجعلها تصل الى كل قصبة وبيت ومصنع ومحل تجاري والى كل مكان يوجد فيه بشر, خاصة وان العراق بلد حار, لايمكنه بعد كل الكوارث التي جعلته يتصحر ان يعيش بدونها.
ان مارأيته اثناء زيارتي للوطن هو ان انقطاع الكهرباء يشكل اكبر مشكلة تشغل الناس, فحياتهم كلها حديث عن كيفية  تدبير الحياة والاحتيال على الظروف القاسية.
لقد رأيت ان مانسبته تسعون بالمائة من مايدور من حوار العوائل في بيوتهم يتعلق بالكهرباء وازمتها, فهنا اجهزة لاتعمل بالمحول, وهناك غرف لاتأخذ حظها من التبريد, وهناك حاجة لماء بارد اكثر والحرارة قاتلة في بلد اصبح عرضة للغبار والعواصف الرملية ولهيب رياح الصحراء, وهنا جهاز تخرب من الانقطاع, وهنا مكان في البيت هجره اهل البيت لعدم قدرتهم المكوث به بسبب عدم كفاية الكهرباء التي لاتحتمل تغطية المنزل.. الامراض التي ترتفع بسبب الحر واولها ارتفاع ضغط الدم والعصبية التي تولد المشاكل العائلية. كل هذا جعل حياة الناس شكوى دائمة, بل صارت حياتهم يأسا يخلف الاحباط والكآبة بعد انتظار سبع سنين عجاف من الوعود وانتظار ما لا يجيء..
هل حقا تعجز حكومة غنية عن الوفاء بوعودها في اعادة البلاد او كهربتها بعد انقطاع؟
هل بات من الصعب او المستحيل التعاقد مع شركات عملاقة لحل الازمة؟ واين تذهب اموال النفط؟
اين الحلفاء والاصدقاء  من الدول الكبرى التي لديها كل الامكانات والطاقات للمساعدة؟
لتكن الحكومة العراقية صريحة مع الشعب الذي انتخبها ولتشرح الازمة كما هي وبكل ابعادها واسباب عدم ايجاد الحلول لها, فالمسؤول ليس وزير الكهرباء فقط, انما كل رجال الحكم تقع عليهم مسؤولية الحفاظ على حياة الناس وراحتهم, خاصة وانهم يعرفون ويحفظون الحديث " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" فاين هذا مما يحصل في العراق؟
اية حجة لدى الحكومة بعد كل هذه السنوات ومامعنى ان تكون للعراقيين حكومة منتخبة, ومامعنى الديمقراطية في بلد يموت فيه الاطفال لعدم وجود الخدمات دونما تحريك ساكن؟ وهل الحكومة فقط رجال شرطة يواجهون تظاهرات الناس التي تطالب بأبسط وأهم ضرورات الحياة  بخراطيم المياه؟
هل بعد كل هذا الفراغ السياسي الحاصل بعدم تشكيل الحكومة وبعد كل هذا الفساد والخراب, نشكك بوجود  تآمرات وخطط  ضد شعب يراد له ان ينتهي, وان ينشغل عن امور الحياة الهامة, وان لايعاد اعمار وطنه المخرب, وان يستغرق القهر والمشاكل حياة الناس ليلعب في العراق من شاء ان يلعب, وان يتراجع بعد ذلك كل شيء, واهمها وعي المواطنين وثقافتهم, فتنتشر الشعوذة والخرافات, لقد رأيت وسمعت مايثير العجب عن رجال يحملون شهادات يترددون بالمئات على المشعوذات والمشعوذين, وعن نساء بالالاف يحملن شهادات كما انهن امهات واجبهن تربية جيل صالح, لكنهن  يغرقن بالخرافات والجهل الهدام..
من يفكر بوعي الجماهير؟ والى اين سائرة رغبات الجهات التي تتلاعب بمصائر الشعب العراقي؟
هل مقرر للشعب العراقي ان  ينتهي شيئا فشيئا, وهل اهمال اعادة الكهرباء إلا مجزرة للابادة البطيئة لشعب اريد له ان لايكون؟
25-6-2010
www.balkishassan.com

 

نشر في الحوار الكتمدن ومواقع اخرى