نافذة

الدفاع عن حقوق المرأة ...... ( بلقيس حسن انموذجا ) Print

الدفاع عن حقوق المرأة ...... ( بلقيس حسن انموذجا )

أحمد الجنديل
      

مرةً يأخذك قلم الشاعرة المبدعة بلقيس حسن في سياحة إلى شواطئ إبداعها ، فتغمرك الدهشة من سحر لغتها ، ورهافة حسّها ، وجمال صورها ، وقوّة معانيها ، فلا تملك وأنت تبحر في آفاق ديوانها ( مخاض مريم ) غير الانحناء لهذا القلم الساحر، وتزداد تألقا في ديوانها الآخر ( اغتراب الطائر ) فتزداد انحناء شيخوخة الأقلام أمام فتوّة قلمها .
ومرّة أخرى تلتقي بقلم الناقدة بلقيس حسن في مقالاتها النقدية ، فيأخذك الانبهار بقلمها الذي يكتب بالرصاص أحيانا ، فيصيب أهدافه بدقـّة ، ومن يقرأ ( جنازة الملائكة ) و( مسامير بذاكرة الياسمين ) وما كتبته عن الأديبة زينب حنفي وعن النقاب وغيرها من المقالات النقدية الكثيرة ، يشعر دون جهد بالتميّز والحرفية والاقتدار فيما تكتب .
في قلم الشاعرة ـ الناقدة بلقيس ، مساحة كبيرة من الرفض والتمرد ، ومساحة أكبر من المشاعر الرقيقة الدافئة، ولأنها تملك هذا القلم الرافض المتمرد الواعي ، فقد جوبهت بموجة من الانتقاد وصلت حد الشتيمة من قبل الأقلام التي لا تعرف الحوار ولا تملك غير الشتائم ، ولا تتقن غير ثقافة الظلام والتخلف ، ولو أنّ قلم بلقيس حسن انتقل إلى يد رجل ، لصفـّق له الكثير ، وكتب عنه الكثير في مقدمات متخمة بعبارات الإعجاب والتقدير . ورغم أنّ الغربة قد أغرقت البعض في عالم الإحباط والخيبة ، والبعض الآخر أدار بوصلته إلى مسارات أخرى ، إلا أنّ هذه العصفورة المهاجرة من مدينتها الجنوبية الصغيرة الغافية على صدر الفرات قد منحت أجنحتها قوة القدرة على الطيران ، فحلقّت في سماء الإبداع مستوعبة تجربتها بكلّ أبعادها الفكرية والعاطفية .
لقد أدركت بلقيس وهي في مهدها الثقافي الأول قسوة الظلم الذي عانت منه المرأة نتيجة التخلف ومظاهر الانحطاط السلوكي والتقاليد والعادات المتخلفة ، لقد فتحت عينيها على جريمة الاستلاب والاستهانة بكرامة المرأة وانتهاك حقوقها ، وتأملت مأساتها وهي تقرأ على جبينها ( للطبخ والإنجاب فقط ) . وبدلا من أن تستكين وتريح نفسها من لغو المتخلفين ، وتقفل قلمها خشية النقد الذي يصل إلى حد الاتهام والطعن ، شهرت سيفها وراحت تدافع عن حقوق المرأة ، بعد أن تمكنت من فنون القتال بالحجة الدامغة والدليل العلمي والمنطق الحضاري .
بلقيس حسن ، تخرجت من بيت يحترف الشعر ، ومن مدينة لا تعرف غير الفقر والطيبة والشعر ، فكانت تصغي إلى الفرات وهو يغازل ضفافه كلّ صباح ، وتستمتع بنشيد سعفات النخيل وهي تؤدي لحنها كلّ مساء ، وتنام على إيقاع كلمات والدها ، الشاعر الكبير . وبلقيس كانت عدساتها تعمل بعافية دون جنوح أو انحراف ، تحلل بصواب وتكتشف بمهارة ، وعندما حطّت ركابها بعيدا ، واستقرت في بلاد الغرب ، بدأت الصورة تكتمل ، والأفكار تنضج ، والقدرة تكبر على مواجهة ما تشعر به من الظلم الذي تواجهه المرأة ، فكتبت ، وصرخت ، وقاومت ، وعندما حلّت ضيفة على الديوان العراقي ــ كولون في 7/3/2009 . وعلى أنغام عود الفنان لطبف الدبو وصوتها الدافئ الذي ينشد للمرأة ، كانت مشاعرنا مأخوذة بهذا السحر الذي تمنحه لنا عبر قصائها وكلماتها النازفة الراقصة التي أخذت الجميع إلى عالم لا ترى فيه غير إبداع الشاعرة التي تروي سيمفونية الغربة في أجمل ألحانها واشراقاتها .
واليوم وبعد أن اقترحت اللجنة الثقافية في الأكاديمية العربية المفتوحة في الدانمارك والمنبثقة عن قرار المجلس العلمي للأكاديمية تأسيس مشروع درع الأكاديمية للمبدعين العراقيين فقد تقرر منح الشاعرة بلقيس حميد حسن درع الأكاديمية في أمسية جمعت الكثير من الأدباء والفنانين وذلك يوم الاثنين المصادف 13 /4 / 2009 .
مبروك هذا الدرع للشاعرة الرائعة وهي تكـتب بهذه الشجاعة الفائقة والمهارة المبدعة .
وعذرا يابلقيس ، فقد أعود إليك قريبا .

الحوار المتمدن