نافذة

حرروا الله من فتاواكم Print

حرروا الله من فتاواكم

بلقيس حميد حسن

 "صدرت أحدث "فتاوى الجدار" عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي أعلنت مساندتها لفتوى العلامة الشيخ يوسف القرضاوي بتحريمه، وانتقدت فتوى مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، الذي أصبح "غير مؤهل لمنح الشرعية الدينية لفقهاء الأمة"، بحسب بيان أصدرته الجمعية السبت 2-1-2010. وقال رئيس الجمعية الشيخ عبد الرحمن شيبان في البيان: "إنه من الجرأة على الدين أن يعتبر الأزهر كل الذين يعارضون بناء الجدار مخالفين لما أمرت به الشريعة" هذا مانشره الاعلام العربي في أماكن مختلفة, فحينما تتدخل المؤسسات الدينية بالحياة السياسة لدولة ما أو أمة ما, تصبح كل مؤسسة تدعي ان الله معها وليس مع سواها, وانها هي المتحدثة باسم الرب والحافظة لوده والداعية لرأيه في كل امور الحياة, حتى ليشعر المرء ان الله انما اختطف - وكفلم كاركاتوري- على يد هذه المؤسسات ولابد من تحريره من فتاواهم التي تسيء لاسمه ومكانته أيما اساءه , بل انهم اوصلونا الى حد الشعور بأن الله يستغيث صارخا حرروني من فتاوى هؤلاء فأنا بريء منها ومنهم.. من المضحك ان يكون رأي مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر هو رأي الخالق في قضية سياسية تتعلق ببناء الجدار الذي يغلق المنافذ على ابناء غزة ويقتل كل محاولة اغاثة لمن يريد الحياة .. هذا لا يعني ان رأي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين, او السيد القرضاوي هو رأي الله , ليتم معارضة فتوى الأزهر الذي صار ناطقا باسم الحكومة المركزية . لماذا كلما تكون هناك قضية يختلف عليها العرب والمسلمون سياسيا, نرى ان جميع الأطراف المختلفة تلعب على وتر الدين, ضاربة عرض الحائط آراء الملايين من البشر خالطة مصالحها بالله زاجـّة به في نزاعات سياسية لم نسمع انه تدخل بها يوما ابدا؟ فأية فتوى وأي رب علينا ان نتبع كمسلمين؟ أية فتوى وأي رب سيتبع المسلم البسيط الذي يستفيق الفجر ليصلي ويذهب لعمله داعيا الله الرزق , رافعا كفه للسماء ان تجنبه المرض والذل وتراكم الديون؟ اية فتوى وأي رب يتبع الشاب الفلسطيني الذي تلاحقه السلطة الاسرائيلية بعد ان هدمت بيته وقـُتل ذويه, وشُرّدت عائلته , ولم يبق لديه أية وسيلة للنجاة سوى الهرب عن طريق منفذ الحياة الوحيد الى أرض الكنانة التي عرفها منذ ان وعى على الدنيا؟ اية فتوى وأي رب يتبع المصري الذي يحب وطنه الواقع على حدود غزة والذي يرى ويسمع استغاثة اخوة له وأقرباء يُقتلون أمام عينيه ويحاصرون بمعاناة ومشاكل لم تتوقف من الجارة والصديقة اللدودة اسرائيل المرفرف علمها على سطح سفارتها في بلده أم الدنيا مصر. اية فتوى وأي رب يتبع الجزائري الذي يريد ولو قليلا ان يتنفس لحظات من الحياة الطبيعية بعد ان شبع من مآسي الارهاب والقتل الوحشي لعوائل نائمة واطفال بالسيوف والسكاكين وبشكل بشع أعاد دورة الحياة الى الوراء قرونا, واثار العداوات والفتن القبلية التي نامت بعد سنوات استقرار نسبي كاد ان يلملم به اجزاء روحه المتشظية بين أبد من الفواجع؟ أية فتوى وأي رب يتبع العراقي الذي يخشى من كل شيء وفي كل شيء, فهو يخشى حتى الاقتراب من الأزبال التي تملأ الشواع خوفا من عبوة ناسفة, يخشى ان يدخل مبنى حكومي, ويخشى ان يطرق باب احد, بل يخشى من حديقة منزله خوفا من رمي مادة متفجرة, مثلما يخشى الدخول لجامع او حسينية خشية الموت عن طريق انتحاري قادم من بلد جار أو بلد شقيق أو صديق مسلم؟ أية فتوى وأي رب يتبع العرب والمسلمون أينما كانوا وهم بين فتاوى متناقضة , تتناهبهم هيئات تدعي جميعها الشرعية بالتحدث باسم الرب؟ أخيرا بما ان الجهات الدينية جميعها تعجز عن اصدار فتوى تعلمنا حقيقة الجهة التي استحوذت على رأي الرب, ادعوا جميع المسلمين لترك هؤلاء الشيوخ بفتاواهم الهزيلة , كما ادعوهم ان يحرروا الله من أكاذيبهم وافتراءاتهم عليه.. 4-1-2010