نافذة

مرحى ليوم المرأة في العراق Print

مرحى ليوم المرأة في العراق

 

                              بلقيس حميد حسن

                      
أسعد ُ خبر ٍ سمعته هذا العام  بمناسبة 8 آذار هو اعلان تلقيته من  الاستاذة ميسون الدملوجي عضو البرلمان , ورئيسة تحرير مجلة نون الشهرية العراقية التي نشرته ويقول الاعلان :
"تعلن حركة بلد السلام عن مظاهرة تحت شعار (بس للقتل.. بس للعنف..) في تمام العاشرة من يوم السبت 8 اذار 2008 أمام فندق بابل , تعقب المظاهرة احتفالية في فندق بابل تستهل في تمام الساعة 11.00 صباحاً, تقيم الاحتفالية وزارة الدولة لشؤون المرأة والمجلس العراقي للسلم والتضامن والاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الوطني الكردستاني ورابطة المرأة العراقية واللجنة النسوية في الاتحاد الوطني الكردستاني ومنظمة المرأة المعاصرة وجمعية النساء الكلدان والملتقى العراقي واتحاد الأدباء والكتاب ودار ثقافة الأطفال والتجمع النسائي العراقي المستقل ومجلة نون..
هذا الخبر هو أول قطرة ندى وقعت على قلبي في المنفى بعد ضياع الأمل وتعثره  لثلاث عقود قضيناها بين منفى وآخر , انه اول الغيث واول انتفاضة حقيقية لأم العراق  المذبوحة من الوريد الى الوريد , اول يقظة تعكس بعض التلاحم والاتفاق بين خيري هذه البلد رجالا ونساءً  للوقوف مع المرأة العراقية التي تشكل اكبر مظلومية في العراق منذ مجيء البعث  المجرم وعصابته حتى مجيء المتبرقعين بالدين,  والمالئي جيوبهم بالملايين , والنافخي الكذب على شاشات الفضائيات والصحف  ,وبائعي الأهل والوطن بمال او سلطة ,  والعائدين للعراق لغسل عار سنين طويلة من النصب والتآمر والعلاقات المشبوهة مع جهات ومخابرات  معروفة وغير معروفة لايعلم اهدافها إلا امثالهم..
نعم يا ابنة العراق الأصيلة , مزقي اقنعتهم وقولي كلمة الحق بوجوههم , فقد اخذوا منك الكثير وها انت مع الخيرين من اهل العراق بكل مكوناته الجميلة ترفضين جرائمهم المتمثلة بك لأنك اكبر  الضحايا واكثرهم براءة وبعدا عن العداء والتناحرات والاحقاد , انت المسحوقة بين عراكهم وتحت اقدامهم , يركلونك متى شاءت نزواتهم ويرمونك بالموت في كل أوقاتهم السعيدة والتعيسة  .
انها الانتباهة الأهم في هذا اليوم وهي خطوة مليئة بالأمل والتضامن معك من قبل العارفين لدورك وعقلك وحكمتك .
 هذه انت يا ابنة الثوار وأمهم , فبدونك وبدون يقظتك لن يكون العراق ارضا وشعبا , وبدونك ينخر الجهل العقول وتضمحل الحياة وتتطاير الهوام على العراق تمزقه,  وتعلكه وترميه قطعا متناثرة بلا حياة ..
  اتذكر في هذه المناسبة,التظاهرة ,  الانتفاضة ,  أمي التي غرست في داخلي اكتمال النظر لعقلي وجسدي كإنسانة لابد وان تساهم بالعطاء من اجل حياة افضل , فمن خلال الكثير من  الأشعار التي حفظتها منها , ومن خلال القصص المعبرة والسرد التاريخي لتمردات ولثورات عاشتها كثورة 1935 التي سميت بثورة الرميثة وسوق الشيوخ او "ثورة ريسان" وهو اسم قائد الثورة  ضد الاستعمار الانكليزي المتعسف انذاك , والتي حفظتها كرواية عالمية دارت احداثها كما سمعتها على لسان أمي بكل تفاصيل الحياة اليومية الصغيرة والعميقة والمؤثرة في البيوت وفي عيون ومشاعر النسوة , حتى لأتذكر كيف كانت تحكي لنا دور المرأة  في ذلك الحدث التأريخي وهي تردد بين الفينة والاخرى بيت شعر لن انساه ماحييت , معبرا عن حب مشاركة المرأة للرجل والوقوف معه في المحن بما فيها محنة الحرب المفروضة عليهم , كانت تقرأه باحساس ورغبة صادقة بالتضحية والوفاء مع دمعة تترقرق في مقلتيها احيانا :
خذوني للوغى معكم خذوني
مضمّدة ً لجرحاكم حنون ِ
هذه هي المرأة العراقية التي بنت العقول وصنعت  الحضارة والمجد , هذه عشتار,  ربـّة  سومر وبابل واور واكد واشور .
نعم يا ابنة الرافدين , اخرجي الى النور وقولي كفى لجرائمكم وتطاولكم على هبة الحياة , قولي كفى لأمراضكم النفسية وعقدكم التي ولدت الحروب والدمار والانقراض.
قولي لن اكون بعد الان  ورقة ضعيفة وسوداء لحروبكم على السلطة والمال , وقولي كفى تحرمونني ابسط حقوقي في الحياة الكريمة .
قولي كفى موتا وحزنا وسوادا صار مكملا ً وضرورة  لكلمة عراقية وممثلا لها ولدموع ٍ وآلام ٍ  طغت على جميع آلام البشر منذ بدء الخليقة وخروج الحياة من الماء.. 
نعم للمتظاهرات والمتظاهرين امام فندق بابل يوم الثامن من آذار معلنين رفض الموت والوقوف بوجهه بكل شجاعة .
مزقي يا ابنة الرافدين رغبتهم بتحنيطك باكياس سوداء وتخبئتك كعورة يخجلون  من رؤيتها بوضوح كما خُلقت , فانت سليلة شبعاد الحضارة  التي ماكانت لتضع  فوق رأسها سوى تاج الورد  , وماكانت عشتار المقدسة مانحة الخصب والحب والعطاء  تُرسم وتنحت او تُرى  الا وهي آلهة عظيمة الجمال شامخة فوق الراكعين والساجدين من الرجال أمام قداسة جسدها وبطنها التي تلد الحياة ..
فياعشتار العراق وشبعاده وجميع مناضلاته والمقهورات به , ويا جماهير العراقيات المعذبات تحت نير المعارك الطائفية والدينية والسياسية والقومية ومئات الاشكال من الصراعات والقتل والرعب , يامن تعشن حياة محفوفة بمخاطر القتل والعنف , هنيئا لكن ّ بيوم المرأة العالمي وهنيئا لكن ّ تظاهرتكن وانتفاضتكن ضد الظلم والقتل الذي ينال منكن يوميا ..أنتن ّ الحياة , والحياة لن تكون ولن تستوي  بدون  نونكن المشرقة دوما ...
7-3-2008