نافذة

صمتَ القمني فانفجرت شرم الشيخ Print

صمتَ القمني فانفجرت شرم الشيخ
  

  بلقيس حميد حسن 

غريب أمرنا كعرب ! وغريب تمسكنا بهذه الغمامة التي تغطي عقولنا !
وغريب أن لا نتخذ ما تعلمناه من علوم ومنطق كنهج حياتي نستنتج من خلاله وبهداه ما يحصل لنا !
أمر بغاية البساطة أن نربط بين النتائج و مسبباتها , وأمر ابسط منه أن نتفكر في كل ما يحصل لنا ونقيـّمه حدثا حدثا , ويوما يوما , والأغرب من ذلك أننا لا نعرف حتى ألان أن نصطف ولو بشكل بدائي أمام الإرهاب الذي يضرب ببلداننا ويلعب بحياتنا كالكرة ويقوّض كل ما فعلناه وبنيناه , حتى ألان لازلنا نزايد على بعضنا وان كانوا بذات الموقع الذي نتعرض به لنيران لا ندري متى تلتهمنا .
لنعد لسنوات خلت , ونرى ما حصل للمفكر والباحث الكبير عن الحقيقة السيد القمني , منذ سنوات طويلة حيث تمنع كتبه وتـُقيد أفكاره , وتحاول السلطة المصرية بشتى الطرق إبعاده عن الجماهير خوفا من فكره الحر المتـنور, بل وتترك لجهات دينية - تجاوزا - التقاط كتبه وإبعادها عن القراء حتى وان بالبريد , مع أن هذه السلطة تدعي محاربة الإرهاب , وتضع حارسا على باب السيد القمني ليفتش كل من دخل منزله حتى من الأصدقاء كي توهمنا أنها حريصة على حياته, وعلى طريقة ذر الرماد على العيون , لكن الحقيقة أنها حريصة على عدم نشر أفكاره إرضاء للجماعات الإرهابية التي لا تتورع بين فترة زمنية وأخرى أن تهزّ حياة المصريين بعملية ترعب السلطة وتزرع الهلع في النفوس.
أي تناقض وازدواجية هذا الذي تعيشه السلطة المصرية مع الإرهاب ومع الفكر الحر؟
وحين تـتـكالب مجموعات الإرهاب على أصحاب الفكر الحر من أمثال السيد القمني , ويصل الأمر بأنها تطالبه بالتخلي عن أفكاره ثمنا لرأسه , تصمت الحكومة المصرية , ويبقى بعض الكتـّاب والصحفيين من أمثالنا ينظـّرون أو يدلون بدولهم متخذين موقفا من حدث جلل لا يمكن أن يمر عليه المرء ويسكت , حتما ستكون المواقف مختلفة , كل في دائرة فكره, أو فلسفته ومدى فهمه للمفكر أو مدى حبه أو كرهه ورفضه لما يكتب .
أين موقف السلطة المصرية وحملاتها ضد الإرهاب ؟
هل تهديد مفكر كالسيد القمني بالقتل لا يشكل إرهابا لدى الحكومة المصرية لتهب ضده ولتفعل حملاتها من اجل حرية الفكر؟ مع أن مصر ليس جديد عليها قتل المفكرين فكما ذهب فرج فودا وغيره سيكون من السهل أن يقتلوا السيد القمني- لا قــُدر لهم - أمام صمت الموت الذي يلف الموقف الرسمي وأمام اللامبالاة بأرواح هؤلاء المفكرين الشجعان والمحركين للفكر الحر في عالمنا العربي النائم على أفكار القرون الوسطى والمتشبث بها, بل والمصر عليها ظنا منه أن يوقف دوران الأرض اليومي , طالبا بذلك سحقنا وتشويهنا لنكون قردة الزمن الحالي ومسخه المضحك .
إن السلطة المصرية أرادت بصمتها عن تهديدات المفكرين الأحرار إبعاد خطر الإرهاب عنها وعن بقائها على الكراسي المخدرة , بل أنها ربما شجعت هذه التهديدات لتبعد الصحافة والإعلام عن تسليط الأضواء على مطالبة فئات كبيرة من الشعب المصري بتنحي الرئيس مبارك عن السلطة , لكن السحر انقلب على الساحر, وهذه نتيجة منطقية كان لزاما على السلطة المصرية معرفتها مسبقا , فالإرهاب عندما يتم التهاون معه تمتد يده إلى مكان أبعد واخطر ليطول شرم الشيخ المكتظ بالمصطافين وليحصد أرواح العشرات من الأبرياء, وليضرب اقتصاد مصر الفقيرة بالصميم حيث يدر عليها مليارات الدولارات سنويا فأصبحت السياحة نفط مصر وهنا لا نفرق بين من يضرب النفط في العراق والسياحة في مصر , هل أغفلت السلطة المصرية علاقة النتيجة بالسبب ؟
وهل يا ترى ستتعلم بعد هذه الدروس وتتوحد مع الفكر الحر أمام الإرهاب ؟
أشك بذلك, لان من عادة الديكتاتوريات - تـاريخيا- الإتكاء على الدين زيفا وإرهابا يتبرقع ببراقع الدجل لامتصاص المزيد من دماء الأبرياء, ولان الإرهاب فكر يعشق الموت والدمار ويهدّم الحضارات ليعيدنا إلى زمن الخيمة والبعير , فهو نار يأكل الأخضر واليابس , فمتى تصحو شعوبنا العربية وتـنـتـفض على الديكتاتوريات لتسمي الإرهاب باسمه الحقيقي ولتستغفر لضحايا الإرهاب في العراق؟ متى تـقول قول الحق وتعلن أن ما يحصل في العراق هو الإرهاب بأبشع صوره, وليس المقاومة كما يدعون أو كما يقولونها على شاشات التلفزيون : مسلحون أو مجهولون أو مقاومون !
أم انهم يخشون أن يقطع الإرهابيون ألسنتهم عن قول الحق بعد كل ما نذوق ويذوقون ؟

20-7-2005